الخارجية الروسية: الولايات المتحدة أوصلت العلاقات مع روسيا على نقطة اللاعودة
أكدت وزارة الخارجية الروسية أن الولايات المتحدة من خلال تصرّفاتها تسبّبت في وصول العلاقات مع روسيا إلى نقطة اللاعودة ويجب عليها أن تحسب حساباً للمصالح الوطنية لروسيا.
ونقل موقع روسيا اليوم عن مدير قسم شؤون أمريكا الشمالية في وزارة الخارجية الروسية ألكسندر دارتشيف قوله اليوم في حوار صحفي: إن “واشنطن من خلال أعمالها العدائية وتجاهلها المتغطرس للمطالب الروسية بضمانات أمنية ملزمة قانوناً بما في ذلك عدم توسّع ناتو وعدم نشر أسلحة هجومية بالقرب من حدودنا وإعادة الإمكانات العسكرية لحلف ناتو إلى حالة عام 1997 هي التي أوصلت العلاقات الروسية الأمريكية في الواقع إلى نقطة اللاعودة”.
وأوضح دارتشيف أنه “من الواضح أن واشنطن ستحتاج إلى وقت لتعتاد على حقيقة أن هيمنتها باتت من الماضي وعليها أن تحسب حساباً للمصالح الوطنية لروسيا التي لها مجال نفوذها ومسؤوليتها الخاصة”.
وشدّد دارتشيف على أن أوكرانيا التي جعلها حكامها المفلسون في “وضع كارثي” هي بالنسبة للولايات المتحدة ليست سوى أداة في المواجهة الجيوسياسية مع روسيا.
في سياق متصل، أدانت وزارة الخارجية الروسية بشدة تصريحات بعض المسؤولين النمساويين حول تطوّرات الوضع في أوكرانيا والعملية العسكرية الروسية الخاصة لحماية سكان دونباس، مؤكدة أنها لا تتناسب مع وضع النمسا الحيادي.
وقالت الوزارة في بيان لها اليوم: “ندين بأشد الحزم الادّعاءات والتقييمات الباطلة ونأسف جداً لصدورها من مسؤولين نمساويين، لأنهم يضعون بذلك موضع الشك حيادية النمسا التي تنخفض كثيراً وتتعرّض للتآكل في الفترة الأخيرة”.
ولفتت الخارجية الروسية إلى أنه سيتم أخذ تلك المواقف النمساوية بعين الاعتبار في المستقبل بما فيها تصريحات المستشار النمساوي كارل نيهايمير ووزير الشؤون الأوروبية والخارجية ألكسندر شاللينبرغ.
يذكر أن النمسا تتمتع بوضع حيادي منذ عام 1955.
دولياً، وفيما يخص الحديث عن النبرة المتراجعة نسبياً في الحديث مع روسيا، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وجوب معاملة روسيا وشعبها دائماً باحترام.
ونقلت وكالة تاس عن ماكرون قوله خلال تجمّع لأنصاره في باريس في إطار حملته لانتخابات الرئاسة الفرنسية المقررة الشهر المقبل: “من الضروري مواصلة الحوار مع القادة حتى عند وجود اختلافات لأنه في نهاية المطاف ستكون هناك عودة إلى طاولة المفاوضات.. ويجب دائماً معاملة روسيا وشعبها باحترام”.
وأضاف ماكرون: “من المستحيل بناء سلام دائم إذا لم تشارك روسيا في بناء هيكل أمني شامل في قارتنا لأن التاريخ والجغرافيا يفرضان ذلك.. مسؤوليتنا هي الحفاظ على كل الروابط التي يمكننا الحفاظ عليها”.
وتابع ماكرون: “يجب أن نواصل الحديث مع الشعبين الروسي والبيلاروسي.. نحن بحاجة إلى القيام بذلك بمساعدة ممثلي عالم الثقافة والمجتمع العلمي والتقني والمنظمات غير الحكومية”.
ودعا ماكرون أيضاً إلى بذل الجهود لمنع تصعيد الوضع في أوكرانيا.
يشار إلى أنه من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية الفرنسية في الفترة ما بين 10 و24 نيسان القادم ويتنافس إلى جانب ماكرون 11 مرشحاً آخر.
جاء ذلك بينما طالب الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش الرئيس الحالي فلاديمير زيلينسكي بوقف إراقة الدماء بأي ثمن والتوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا.
وقال يانوكوفيتش موجّهاً كلامه لزيلينسكي في بيان نقلته سبوتنيك: “أفهم جيّداً أن لديك العديد من المستشارين، ولكنك شخصياً ملزم بوقف إراقة الدماء بأي ثمن والتوصل إلى اتفاقية سلام.. هذا متوقع منك في أوكرانيا ودونباس وروسيا، والشعب الأوكراني وشركاؤك في الغرب سيكونون ممتنين على ذلك”.
دولياً أيضاً، حذر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من أن العقوبات وحملة الكراهية في وسائل الإعلام ضد روسيا قد تؤدّي الى انتشار الصراع الحالي بأوكرانيا إلى مناطق أخرى من أوروبا والعالم.
وقال مادورو في خطاب إذاعي: “إننا نشعر بقلق بالغ إزاء احتمال نشوب حرب في أوروبا وانتشار هذه المواجهة المسلحة إلى مناطق أخرى من العالم بعد أن تم إطلاق وإعداد حملة إعلامية للكراهية، بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الهادفة إلى تفاقم الوضع الراهن وانتشار السيناريو العسكري ومسرح العمليات العسكرية خارج أوكرانيا إلى أوروبا ومن أوروبا إلى مناطق أخرى من العالم”.
وأضاف مادورو: “الصراع آخذ في الاتساع من وجهة نظر عسكرية، ما قد يؤدّي إلى حرب عالمية ثالثة.. وله بالفعل الآن عواقب عالمية وتأثير مدمّر على أسعار النفط والبنزين والغاز وتكلفة الغذاء والأسمدة والنقل.. إن التأثير العالمي يتجلى في انعدام الأمن في إدارة العلاقات الدولية”.
وأشار مادورو إلى أن بلاده تتخذ إجراءات للسيطرة على التضخم والآثار المحتملة لانتشار الصراع في أوروبا.
وكان الرئيس الفنزويلي أعرب في محادثات هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي عن دعم بلاده التام للإجراءات الحاسمة التي تتخذها روسيا في أوكرانيا.
وليس بعيداً عن ذلك، أكدت ماليزيا أنها لن تفرض أي عقوبات من جانب واحد على روسيا مجدّدة دعوتها لمواصلة المفاوضات حول الوضع في أوكرانيا.
ونقلت وكالة الأنباء الماليزية عن وزير الخارجية داتوك سيري سيف الدين عبد الله قوله أمام البرلمان: إن “ماليزيا بصفتها عضواً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دعت إلى وقف إطلاق النار ومواصلة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا”.
وأضاف عبد الله: “ليس هناك حاجة حتى الآن للعقوبات الأحادية وإذا لزم الأمر فستقوم بها الأمم المتحدة”، موضحاً أنه “إذا لم تتم دراسة فرض العقوبات بشكل صحيح فإنها ستؤثر في عامة الناس الأبرياء”.
وبخلاف ذلك، أعلنت وزارة الخارجية اليابانية اليوم عن حزمة جديدة إضافية من العقوبات ضد روسيا وبيلاروس فيما يتعلق بالوضع في أوكرانيا.
ووفق بيان صادر عن الوزارة فرضت عقوبات جديدة على 20 مواطناً روسياً و12 بيلاروسياَ ومؤسستين روسيتين و12 منظمة بيلاروسية، إضافة إلى فرض حظر على التصدير لوزارة الدفاع في بيلاروس بما في ذلك القوات المسلحة، وكذلك المنظمات المشاركة في أنشطة الاستخبارات.
وفرضت اليابان أيضاً حظراً على تصدير معدات تكرير النفط إلى روسيا في إطار الحزمة الجديدة من العقوبات.
وكانت الحكومة اليابانية فرضت مطلع شهر آذار الحالي عقوبات طالت 49 شركة ومؤسسة روسية.
من جانبها، أعلنت شركة التكرير الأسترالية فيفا إنرجي اليوم أنها ستتوقف عن شراء النفط الخام الروسي لتنضم إلى عدد متزايد من الشركات في قطع العلاقات التجارية مع روسيا بسبب العملية العسكرية في دونباس.
وبذلك تلحق فيفا إنرجي بمجموعة من الشركات التي تقيد أو تؤجّل أو تنسحب من الأنشطة التجارية في روسيا في أعقاب موجة من العقوبات المفروضة على موسكو حيث ذكرت الشركة أنها تستورد الخام من العديد من البلدان المختلفة.
ودفعت التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة وحلفاء أوروبيين يفكرون في حظر واردات النفط الروسية أسعار النفط أمس إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008.
وفي الشأن الإنساني، أعلن مقرّ التنسيق الروسي المشترك بين الوكالات للاستجابة الإنسانية في أوكرانيا، أن السلطات في كييف تسببت بكارثة إنسانية في العديد من المدن الأوكرانية ولاسيما الكبرى منها بسبب عجزها عن ضمان عمل الممرات الإنسانية.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن المقرّ قوله في بيان: “بسبب ضعف وعجز الجانب الأوكراني عن ضمان عمل الممرات الإنسانية فإن الحالة تتدهور في عدد كبير من المستوطنات على كامل أراضي أوكرانيا تقريباً، ولاسيما في المدن الكبرى كييف وتشرنيغوف وسومي وخاركوف وماريوبول واكتسبت حالة هذه المدن طابع الكارثة الإنسانية”.
ولفت البيان إلى أن “الاتحاد الروسي ضمن الأمن الكامل على الطرق المخطط لها خلال العمليات الإنسانية المعلنة سابقاً لإجلاء المدنيين والمواطنين الأجانب”، مبيّناً أن روسيا تلقت أكثر من مليوني طلب إجلاء من جميع المناطق المأهولة تقريباً من جانب السفارات الأجنبية والمواطنين الأوكرانيين في الفترة من الـ5 إلى الـ7 من آذار الجاري فقط.
وأشار البيان إلى أن الاتحاد الروسي مستعدّ للتحضير لعملية إنسانية وتنفيذها، وأن القوات المسلحة مستعدة لاتخاذ خطوات إنسانية لإجلاء السكان المدنيين من أراضي أوكرانيا، وكذلك لتهيئة ظروف إقامة لائقة لجميع اللاجئين في روسيا على الرغم من الموقف غير المسؤول لأوكرانيا تجاه حياة المدنيين من مواطني الاتحاد الروسي، مبيّناً أن فعالية التنفيذ تعتمد فقط على الجانب الأوكراني.
وأوضح مقر التنسيق أنه في الوقت الحالي يتم وضع مواطني أوكرانيا الذين تم إجلاؤهم في مراكز الإقامة المؤقتة في الفنادق والمصحات والمنازل الداخلية، ويتم تزويدهم بوجبات ساخنة والأطفال قادرون على الذهاب إلى المدارس ورياض الأطفال بينما يتم على وجه السرعة الترتيب للتوظيف المؤقت للكبار.
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت أمس وقف اطلاق النار وتوفير ممرات إنسانية في عدة مدن أوكرانية بدءاً من اليوم كي يتمكن المدنيون من الخروج عبر ممرات إنسانية وتمكّن الجانب الروسي من إخراج (773 173) شخصاً من مناطق العملية العسكرية الخاصة من جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين إلى أراضي روسيا من بينهم (18744) طفلاً.
وفيما يخص المفاوضات الجارية بين موسكو وكييف لتسوية الأزمة، أعرب مساعد الرئيس الروسي فلاديمير ميدينسكي الذي يترأس وفد بلاده في المفاوضات مع أوكرنيا عن أمله بأن تعترف كييف عاجلاً أم آجلاً بعائدية القرم إلى روسيا وكذلك بسيادة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين.
وقال ميدينسكي في تصريحات اليوم: “لا نريد التعليق على ما يتحدث به الجانب الأوكراني في سير المفاوضات وبعدها حيث اتفقنا على عدم الإعلان عن ذلك.. ولكنهم يقولون إنه من المستحيل الاعتراف بعائدية القرم إلى روسيا وبسيادة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ومع ذلك فإننا نأمل بالتوصل إلى حل”.
وأشار ميدينسكي إلى أن روسيا جهزت في السادس من آذار الحالي 400 حافلة لإخراج الأوكرانيين عبر الممرات الإنسانية، ولكن المجموعات العسكرية الأوكرانية التي لا تخضع لسلطات كييف أحبطت عملية الإجلاء.