في يوم عيدها.. المرأة السورية تطالب بسد الثغرات المجحفة بحقها
قدّمت المرأة السورية على مدى العصور دروساً في التضحية والعطاء، وأثبتت نجاحها وقدرتها على الوقوف جنباً إلى جنب مع الرجل في جميع صفوف العمل، لتشكّل خلال سنوات الأزمة مفصلاً مهماً من مفاصل الحياة، فكانت الشريكة الحقيقية الحاضرة جنباً إلى جنب مع الرجل، في المعامل والمؤسّسات، غير آبهة بصعوبات العمل، ولم تتوانَ عن الأعمال الميدانية أو المجهدة والذي تجلّى من خلال قيامها بإدارة العملية الإنتاجية بعد أن اضطر الكثير من الرجال للالتحاق بصفوف الجيش العربي السوري للدفاع عن الوطن الغالي، فاستطاعت المرأة السورية متابعة المسيرة من خلال وقوفها خلف عجلات الإنتاج لتأمين مقومات الصمود والمحافظة على المنتجات الوطنية، وبالتالي الحفاظ على اقتصاد الوطن محقّقة عن جدارة شعار “المرأة نصف المجتمع”.
ميادين العمل
ولم تكن المرأة السورية خلال سنوات الحرب وما بعدها كباقي نساء العالم، فكانت أماً وزوجة وأخت الشهيد، وفي كثير من المطارح كانت الشهيدة في مواقع عملها، ولاسيّما أنها تخطّت جميع الحواجز وانطلقت إلى ميادين العمل في المعامل والشركات لتعيل أسرتها في أحلك الظروف، مبرهنة جدارتها في المهمات التي أُسندت إليها، وقدرتها على التعامل مع مختلف المستجدات المعاصرة، وقد أولت قوانين العمل المرأة السورية العاملة حقوقاً خاصة وأفردت لها مواد مميزة وذلك لحمايتها جسمياً وصحياً.
تجربة مختلفة
تؤكد يمامة الربداوي رئيسة لجنة المرأة العاملة باتحاد عمال درعا أن الظروف الراهنة فرضت على النساء السوريات تجربة مختلفة النوع وشكل حياة لم يكن مألوفاً، مشيرة إلى أن دور المرأة في المجتمع الحديث يتطلّب ثقة بالنفس وسمواً في الطموح والأفكار، بالإضافة إلى المبادرة والرغبة في العمل والإنجاز والإبداع، فالمرأة هي الأم والقائدة القادرة على تربية شباب وشابات المجتمع تربية صحيحة، وهي الأكثر تأثيراً فيهم وإسهاماً في نجاحهم. وأكدت الربداوي أن المرأة السورية أثبتت في الوقت الحاضر أنها تستطيع أن تتكيّف مع تطور الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة بها، ويؤكد تقدمها الملحوظ في المجالات التي تتطلّب المعرفة والنقاش والعمل على ذلك، كذلك أثبتت المرأة استغلالها لقدراتها الإدارية ونجاحها وكفاءتها في رعاية الأسرة، لافتة إلى أن أهمية مساهمة المرأة في سوق العمل تكمن من خلال دورها الفعّال في مكافحة الفقر ورفع المستوى المعيشي لأسرتها من خلال ما يوفره عملها من دخل يدعم ميزانية الأسرة، ناهيك عن دورها في السياسة، فقد شغلت مناصب سياسية قيادية ساهمت من خلالها بإضافة مبادئ وقيم تتعلق بتحقيق الإنصاف والتعاون والمرونة، وتتوازن مع قيم ومبادئ الرجال الموجودين في المجال السياسي، كما تمكنت من الانخراط في القوات المسلحة على مختلف المستويات واستطاعت إثبات نفسها في الحياة العسكرية أيضاً.
التحدي الأكبر
وبرأي السيدة عبير الصليب رئيسة لجنة المرأة العاملة في حماة أن التحدي الأكبر للمرأة السورية خلال الفترة الراهنة هو التوفيق بين عملها ومنزلها، فكانت الأم والزوجة والمعيلة لأبويها في كثير من الأحيان، فهي الطبيبة والمهندسة والمدرّسة والباحثة، حيث أصبح عمل المرأة إلى جانب الرجل حاجة أساسية في ظل الحرب على سورية، كذلك فإن التطور في المجتمع في فترة ما قبل الحرب كان عاملاً مساهماً في فرض المرأة السورية لنفسها والدخول في مواقع العمل الإنتاجية والخدمية والإدارية فكانت فاعلة ومعطاءة، كذلك لجأ البعض منهن إلى العمل الخاص كصناعة المواد الغذائية والمنظفات، وطوّرن عملهن ليتحول من مشروع صغير إلى مشروع متطور، وشاركن في المهرجانات الخيرية التي أقيمت في سورية، وكنّ فاعلات ومؤثرات في المجتمع.
ثغرات في الحقوق
وعن مطالب المرأة العاملة في عيدها، أكدت الربداوي ضرورة أن تتمتّع المرأة بحقوق تضمن لها العيش بكرامة بعيداً عن الخوف والاستغلال، وأن إعطاء المرأة حقوقها لا يقتصر على إتاحة الفرص لها فحسب، بل يشمل تغيير طريقة تعامل المجتمعات معها، مؤكدة ضرورة تحديد السنّ الأدنى للزواج، ومنع إتمام أي عقد زواج قبل بلوغ كلا الطرفين، وذلك لتجنّب تعرض المرأة لتحمّل الأعباء والمسؤوليات العائلية في سن مبكرة، إضافة إلى أهمية إلزامية توثيق عقود الزواج لدى الجهات الرسمية وضمان تمتّع المرأة بحقوقها. ووجدت الربداوي أحقية المرأة في إنهاء عقد الزواج في حال استحالة إكمال الحياة الزوجية، واتخاذ الإجراءات التي تضمن تساوي حقوق كلا الزوجين حتى إنهاء العقد، مع ضرورة توفير بيئة عمل آمنة صحية للمرأة ومنح النساء العاملات إجازات أمومة كاملة. كذلك أكدت الصليب أنه بعد صدور بعض التعديلات على قانون الأحوال المدنية مازال هناك بعض الثغرات التي تعتبر مجحفة في حقها، وأهمها عدم منح المرأة السورية الجنسية لأبنائها، وعدم قدرتها على الوصاية على أبنائها بعد وفاة زوجها، وضرورة المساواة في الإرث الشرعي.
إعادة الإعمار
أمام ما تجسّده شخصية المرأة السورية بمختلف مجالات عملها من إرادة وتحدّ وجهد جبار تبذله، نوجّه لها في عيدها تحية إكبار وإجلال لما تقدمه وتكافح من أجله، وهي في كلّ يوم عمل تضع لبنة أو حجر أساس لإعمار ما خرّبه الإرهاب، مُثبتة قدرتها على تجاوز الصعوبات وتوظيف مهاراتها المتعدّدة بشكل إيجابي واستثمارها في خدمة التنمية على مختلف الصعد وتقدم المجتمع بعد أن أولتها القيادة السياسية في بلدنا كل الرعاية والعناية والاهتمام لتبلغ درجات عالية من التقدم والازدهار، فكل عام وجميع نساء سورية بألف خير.
ميس بركات