مع محاولات تسويقها.. الأكاديميات الكروية مشروع تجاري أم مدرسة رياضية؟
ناصر النجار
أعلن اتحاد كرة القدم عن بطولة للأكاديميات الكروية، وما يرشح من معلومات عنها أنها ترويج وتسويق لعمل هذه الأكاديميات والمدارس الكروية الخاصة، ومع أن الكثير من أنديتنا لديها أكاديميات (كما تسميها)، إلا أنها لم تشارك في هذه البطولة الأولى لأسباب مجهولة!.
وإذا توسعنا بموضوع الأكاديمية لنعرف أصل هذا المصطلح وما هو، نجد أن هذه الكلمة لا تنطبق على أية أكاديمية محلية، سواء خاصة أو عامة، وهذه التسمية تأتي من أجل كسب فخامة الاسم في التحصيل المالي كمشروع تجاري مبني على أساس تطوير كرة القدم، وتبنّي المواهب والخامات ورعايتها، لكنه في الحقيقة ليس إلا “ضحكاً على الذقون”، وإذا كانت هذه المشاريع تتبع لجهة خاصة فهي مصدر رزق، أما إذا كانت تبعيتها للمؤسسات الرياضية فهي مصدر هدر.
هذا المفصل المهم في عالم كرة القدم يخضع لمعايير إدارية وتنظيمية عديدة، وهذه المعايير تفتقدها أغلب الأندية أو المدارس الخاصة، وعندما يتم بناء هذه المشاريع وفق هدف مالي فقط فإنه سينجح في تحقيق المكاسب المالية، لكنه سيفشل في تحقيق الهدف الرياضي.
الأكاديميات أو المدارس الكروية، وهما متشابهان في الصيغة والعمل والهدف، ومختلفان بالتسمية فقط، تحتاجان إلى برامج تدريبية وتطويرية، واستراتيجية عمل طويلة المدى يقوم بها اختصاصيون وفنيون مدربون على هذا العمل، فالبراعم يختلف تدريبها حسب العمر، فكل فئة لها برنامجها الخاص، لكنه متصل بالبرنامج الذي يليه مثل المناهج الدراسية تماماً.
تبدأ العملية الفنية من خلال برامج تعليم كرة القدم وتنمية المهارات وما شابه ذلك قبل الدخول في عمق الخطط التي ستأتي ضمن البرنامج، إنما في مراحل لاحقة.
المدرسة الكروية هيكل تنظيمي مستقل يقوده مدير إداري ومدير فني، ولكل منهما صلاحياته وعمله، وهما المعنيان بتعيين المدربين الاختصاصيين لكل فئة مع مدربي حراس المرمى، بينما برنامج تعليم كرة القدم للأطفال لا يقتصر على التدريبات الفنية، فهناك ندوات حول السلوك الرياضي داخل الملعب وخارجه، وبرامج توعية لتجنب المخاطر الصحية، والابتعاد عن المخدرات والمراهنات وغير ذلك، وهو مهم لأنه يؤسس اللاعب على الأخلاق، واللعب النظيف منذ نعومة أظفاره.
في هذه المدارس رعاية صحية كاملة، وفحوص دورية، مع متابعة كل الإصابات الرياضية أو المرضية، والجانب المهم متابعة الأطفال في مدارسهم، وتشجيعهم على التحصيل العلمي.
أمام هذه العناوين العريضة، نسأل: من هو النادي الذي يطبق هذه المعايير في مدارسه الكروية، أو كما يسميها البعض الأكاديميات؟
في الواقع لا نجد أي أثر لهذه المعايير في أجوائنا الرياضية، وأغلب مدارسنا ليس لديها مدرب اختصاصي، والمدربون العاملون في هذه المدارس يبحثون عن لقمة العيش ليس إلا، بغض النظر عن خبرتهم وأهليتهم، ولو أن هذه المدارس (الأكاديميات) سعت إلى الهدف الرياضي سعيها إلى الربح المالي الوفير لحققت الهدفين معاً، لكننا للأسف لم نجد هذه المدارس تتعامل بجدية واهتمام في بناء مشروع اللاعب المحترف، أو المهاجم الهداف، أو الحارس المتميز.
كرة القدم، رغم أنها اللعبة الشعبية الأولى، وينفق عليها مئات الملايين، إلا أنها فشلت في العقود الماضية بصناعة هدّاف واحد، وهذا دليل على أن كرتنا مفلسة فكرياً، ومهملة فنياً.