شخوص منكسرة ولمسات من الفرح في “تجارب أنثوية 5”
الموروث الفني الذي يتوارثه الأبناء من الأمهات والآباء فينمو عشقاً وشغفاً، هو ما ركزت عليه المشرفة على معرض “تجارب أنثوية” في موسمه الخامس الفنانة ذكاء عزت الكحال، والذي أقيم في المركز الثقافي العربي (أبو رمانة) بعنوان “أنا وابنتي”، وكما ذكرت في حديثها لـ”البعث” فليس المقصود الأم وابنتها وإنما الأب أيضاً، إضافة إلى المشاركات الفردية.
وقد حفل المعرض بتنوع الفنون التشكيلية والمهارات اليدوية، وشغل فن (الآرت ديجيتال) حيزاً يشعّ بالفرح والألوان المبهجة احتفاء بأعياد المرأة بتجسيد لوحات من أحجام مختلفة عن الضوء الذي تمنحه المرأة في الحياة بتقنية نفذتها آية صافية على الموبايل. وكان للتصوير الشعبي حضور بمشاركة هيف الأيوبي ابنة الفنان الراحل طلحت حمدي التي رسمت لوحة التيناوي عن الشاعر الفارس عنترة بن شداد بألوان مختلفة طغى عليها اللون الفيروزي، كما شاركت علياء النحوي ابنة فنان التصوير الضوئي المعروف علي رضا النحوي بعشقه لدرجات الأبيض والأسود بلقطات من دمشق القديمة. ونوّعت بالخزفيات للزينة والأواني الفنانة إميلي فرح وابنتها راما نبيل السمان.
ومن زاوية أخرى، حظي المعرض بمضامين متنوعة وأفكار متقابلة، إذ تناولت يارا سلام المغتربة التباعد بين أفراد الأسرة والغربة الروحية بينهم من خلال مشروع تخرجها “بُعد” المؤلف من لوحات عدة، اختارت منها لوحة ثنائية لزوجين يعيشان حالة من التباعد والفتور العاطفي رغم دلالات اللون الأحمر، وهي ابنة الفنانة عفاف النبواني التي شاركت بلوحة الفزاعة بأسلوب تعبيري وبألوانها الترابية على الخلفية القاتمة العاكسة عتمة الليل.
وأوضحت النبواني أن الفزاعة تحمل تأويلات متعدّدة، فهي حارسة الحقل تخيف الطيور لكنها ترمز ببعد آخر إلى إخافة أعداء الأرض، وأعجبت بفكرة المعرض والمشاركة مع ابنتها، فهذا يدلّ على قوة التأثير بين الأبناء والأهل.
وبصورة مقابلة ليارا سلام جسّدت نور ستفني حوش حالة الارتباط والتوحّد بين الشخص المتمركز بوسط اللوحة والأشخاص المحيطين به بدلالة الكمّ الذي يمتزج بالشخص بلوحة غرافيك. أما لبانة شبيب فتقاطعت مع الفكرة التي طرحتها سلام وإنما بفارق زمني بثنائية لمنحوتتين –صبّ على الجبصين- من القياس الصغير لرجل وامرأة مسنين يقرّران الافتراق، فيحمل كلّ منهما حقيبته ويمضي في طريق آخر، ولفتت الانتباه بتقنية الكولاج للنظارة السوداء التي يضعها الرجل، وتوحي هذه المنحوتة بقراءات تحليلية مختلفة من قبل المتلقي للأسباب التي أدّت إلى ذلك.
وتنوّعت المشاركات الفردية بين الخط الكوفي التربيعي للتراكيب الموجودة في القرآن الكريم “أفلا”، مع تتالي المفردات “يسمعون، يبصرون، يشكرون” التي قدّمتها آلاء البيش، والأمومة –لوحة دعاء البسطاطي- والطفولة ومتاعب الحياة التي جسّدتها ذكاء الكحال بالتصوير الضوئي بالأبيض والأسود لرجل مسنّ يجلس بسكون يحمل البالون وينتظر من يشتريه.
لاقى “تجارب أنثوية” في موسمه الخامس صدى إيجابياً لدى الزائرين، وشهد تطوراً من حيث التنويع بالفنون بعد أن كان التصوير الضوئي للطبيعة يشغل القسم الأكبر منه في بداياته.
ملده شويكاني