لأول مرة.. الكمأة غائبة عن أسواق دير الزور
دير الزور – وائل حميدي
لأول مرة، منذ عشرات السنين، تغيب الكمأة عن أسواق دير الزور، ولاسيما أنها الأكثر شهرة في المنطقة الشرقية والقطر، وذلك بسبب متاخمة المدينة للصحراء التي تفصلها عن مدينة تدمر وعلى امتداد طولي يقدّر بـ 210 كم، وهي المساحة التي لابد وأن تشهد في أقسام واسعة منها العواصف الرعدية خلال توقيت معيّن في موسم الشتاء، ما يؤدي إلى تشكل الكمأة تحت التربة مباشرة وبكل أنواعها وتسمياتها.
عملياً، كان غياب الكمأة تاماً عن المحافظة هذا الموسم، إلا بعض الحضور الخجول ضمن مناطق ريف البوكمال، وغالباً في المنطقة الشرقية لنهر الفرات، ما يعني احتمالية أن يكون مصدرها الجزيرة السورية أو القطر العراقي الشقيق. وقياساً لندرة ظهورها فقد تجاوز سعر الكيلو الواحد مائة ألف ليرة للنوعيات العادية، بينما اختفت أنواعه الشهيرة تماماً، وتلك الأنواع لو قُدِّر لها أن تُطرح في الأسواق فإن سعر الكيلو منها ربما يصل إلى أكثر من مائة وخمسين ألفاً.
يقول أبو جاسم، أحد تجار الكمأة السابقين، إن هذا الموسم يعدّ استثنائياً جداً من حيث ندرتها، بينما كان حضورها في الموسم الماضي أفضل بكثير رغم الحوادث المؤسفة التي سُجِّلت بين مواطنين، أفراداً وعوائل، بسبب خطورة الصحراء (موطن الكمأة)، حيث تمّت زراعتها من قبل الإرهابيين بالألغام في مناطق عشوائية، قبل أن تبدأ حملة تطهير المنطقة هندسياً من ذلك الخطر. ويضيف أن ظهور الكمأة مرتبط بالعواصف الرعدية خلال فترة محدّدة من فصل الشتاء، وهذا مالم نشهده بالدرجة الكفيلة لظهورها، وبالتالي اجتمع خطر الصحراء مع الاحتمالية الضعيفة لظهورها، وكلّ هذا انعكس على عدم تسجيل حضورها ولأول مرة منذ عشرات الأعوام.
وينهي أبو جاسم حديثه بأن أشهر أنواع الكمأة هو الزبيدي الأبيض اللون وينتشر في صحراء السخنة غالباً، ثم الخلاسي الأحمر اللون والأصغر حجماً، ثم الجيبي والهوبر وغيرها، وهي الأصغر حجماً والأقل سعراً، مؤكداً أن الموسم الحالي لن يتغيّر، وبالتأكيد لن يسجّل ظهورها إلا في محاولات خجولة لن ترقى إلى عادات أبناء المحافظة حين كانوا يقومون بتخزين الكمأة في ثلاجاتهم، كما لو أنها من ثوابت المونة المنزلية التي لايمكن الاستغناء عنها.