احتراماً لأصالتها وجمالها.. الخيل لا توسم أبداً
الفرس الأصيلة الكريمة خليلة العربي في حِلِّه وترحاله، يرعاها كما الأثير المدلّل من أولاده، ويتباهى بها نسباً وجمالاً وأصالة لأنها الوفية التي لا تخون.
وقد فازت الخيل بقصب السبق في الأدب العربي شعراً ونثراً، فخراً وتسامياً وتقديراً واحتراماً، وتقول العرب: العز في نواصي الخيل: ظهورها عزّ وبطونها كنز، والأصيلة تحامي مربطها، وتحمي فارسها إن تعثّر أو سقط.
وكان أبناء الجولان يعتزون بالخيل أيما اعتزاز، ويشترك الاثنان والثلاثة والأربعة بملكية الفرس الواحدة، ويحتسبون حصصهم بالقراريط.
وتمتاز الفرس الأصيلة بنسبها الكريم وجمالها وحسن تكوينها ورأسها الدقيق وذيلها الذي يشمخ كقوس قزح، حين تغير مسرعة كهبوب الريح، إضافة لصفاتها التي تمتاز بها عن سائر الحيوانات، ومن أهم سلالات الخيل: الكحيلة، المعنقية، العُبيّة، الصقلاوية، أم عرقوب وغيرها، والخيل لا توسم أبداً تقديراً لأصالتها، وإكراماً لمكانتها، واحتراماً لجمالها بينما يطال الوسم بقية الحيوانات الأخرى.
كما يحظى تناسل الخيل بأهمية عظمى واهتمام بالغ للمحافظة على نقاء سلالتها الكريمة، ويكون موعد تزاوج الخيل خلال شهري آب وأيلول من كل عام، ومدة حملها أحد عشر شهراً، ويقوم صاحب الفرس الأصيلة خلال مرحلة التزاوج بحجزها بمربطها حتى لا يقوم بتلقيحها حصان غير أصيل يهين نسبها، ويدنس أصالتها، ويعيب نقاءها وبهاءها، ويختار مالك الفرس جواداً أصيلاً كريماً منسوباً مشهوداً بأصله ونبل نسبه، ويُشهد على التزاوج بعض الشهود الثقاة، ليشهدوا عند ولادة الفرس بنسب المولود، وكان منهم من يوثّق ذلك بحجة مكتوبة تضاف لمدوّنة نسب الفرس الأصيلة.
ولا تباع الفرس الأصيلة بيعاً قطعياً بل بالتفييض، ومعنى التفييض أن يستفيد مالكها الذي باعها من المولود الأول والثاني وهي عند مالكها الجديد، وبعد ذلك تؤول ملكيتها كاملة للمالك الجديد، أما الجواد فيتمّ بيعه قطعياً مقابل ثمن متفق عليه، ويُسمّى ميدان السباق في الجولان الصّابية، حيث يتسابق الفرسان على صهوات خيولهم، مفتخرين هازجين: خيالها حركي، خيالها قريشي، خيالها فضلي.
محمد غالب الحسين