اقتصادصحيفة البعث

تغاضٍ مقصود لأدوات ناجعة في الأسواق.. “التجارة الداخلية” تعلق الإجابات وتلوّح بالعقوبات فيسبوكياً!

دمشق- فاتن شنان

جدّد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الدكتور عمرو سالم أمس الأول تهديده للتجار المحتكرين بعرضه لقائمة من الإجراءات القاسية، متضمنة عقوبة السجن التي تصل إلى سبع سنوات. وأوضح عبر “بوست” على صفحته الرسمية معنى الاحتكار وكيفية حدوثه، تخلّله تبريرات يتبناها التّجار لرفع أسعار السلع المستوردة قبل ارتفاع تكلفة الشحن والنقل، تخوفاً من خسارة رأس المال، وعلى المقلب الآخر تضمن تهديده حثّ المواطنين على عدم “الخوف أو الخجل” من تقديم الشكوى على المحال التجارية غير الملتزمة أو التي تعرض السلع بأسعار مرتفعة، باعتبار الشكوى بوصلة الوزارة لتنظيم الأسواق وقمع المخالفات، الأمر الذي أثبت فشله بوجود كوادر ترتشي وتغضّ الطرف عن مخالفات لقاء استدامة استرزاقهم منها.

من خشب..!

لاشك أن كلّ ما ذهب إليه الوزير في تصريحه يندرج ضمن إطار المحاولات الفاشلة التي لا تزال الوزارة تنتهجها مع كل موجة ارتفاع لأسعار السلع كأداة لتطويع الأسواق والتّجار، ولم تفلح حتى اللحظة في حلّ اختناق أو توفر مادة أو كبح جماح سعرها، بل لم تؤسّس لإحداث تغيير أو تصحيح مسار علاقة الوزارة بالتّجار واحترام قراراتها وتنفيذها، إذ لطالما ارتفعت الأسعار ولحقت الوزارة بركبها بتعديل الأسعار الرسمية مرات عدة لمصلحتهم، ما أدى لتشكل قناعة تامة عند الرأي العام والمواطنين بفشل إجراءات الوزارة التي تغافلت وأصحاب القرار عن ذلك، ليس هذا فحسب، بل فضّلت المحاربة بسيف من خشب في معاركها، واعتمدت التصريحات الإعلامية للوعيد والتهديد، مرة بغية التقرّب من المواطنين ومرات لتخفيف السخط والاستياء من أدائها، فهل تدرك الوزارة ما أدركته كافة الفئات من مواطنين وخبراء اقتصاد وتصحّح نهجها، ولاسيما في الظروف الحالية التي تتطلّب نهجاً حاسماً والضرب بيد من حديد لكل مخالف ومحتكر؟!.

لا جواب..؟!

لأكثر من أسبوعين ونحن بانتظار إجابات لأسئلة محورية طرحتها “البعث” على السيد الوزير، تتمحور حول جدوى عمل الوزارة في ضبط الأسعار، ومدى فعالية متابعتها وملاحقتها للمستوردين، بناءً على إجازات الاستيراد المقدّمة للوزارة، والتي تعتبر المرجع الوحيد والدليل المرشد لنوعية البضائع والسلع وكمياتها وأسعارها، ولفترة دورة استيرادها واستهلاكها بعد توزيعها في الأسواق، بدلاً من ملاحقتها عبر جولاتها الميدانية لتجار نصف الجملة والمفرق وتنظيم ضبوط معظمها شكلية، وبعضها تذهب للإتلاف بطرق معروفة ما يتيح غضّ البصر عن كامل فترة الاحتكار أو ذروة ارتفاع الأسعار، لكن الوزارة اتجهت لإشراك المواطنين وزجهم في عمليات المراقبة والشكوى – رغم نجاعتها في بعض الأحيان – إلا أنها ليست الدليل والمرشد لضبط التجاوزات والمخالفات، استناداً إلى إجازات الاستيراد الرسمية “الأدلة الدامغة” لمتابعة أي مستورد وضبط ممارساته المخلّة بنظام السوق وبنظام حساب التكاليف الحقيقية وبالتالي الأسعار..، وصولاً لتنظيم المخالفات بحق كل المتورطين في إحداث خلل بمعادلة العرض والطلب.

تواطؤ مقصود!!

بعض خبراء الاقتصاد أشاروا إلى قدرة الوزارة على انتهاج مسار أكثر صرامة عبر تزودها بأسماء المستوردين وأسماء التّجار المتعاملين معهم لملاحقتهم ومعرفة كميات سلعهم ونسب مبيعاتهم من المواد الأساسية، منعاً للاحتكار ورفع الأسعار، وتساءلوا عن الهدف من تغاضي الوزارة عن إمكانية امتلاكها قاعدة معلومات بعناوين مستودعات كبار التّجار وأماكن توزعها ومراقبة تصريفهم للبضائع المستوردة، وبالتالي تتبع انسياب السلع إلى الأسواق وضبط سعرها من خلال اطلاعها على مجمل التكلفة استناداً لإجازات الاستيراد، مبيّنين أنه وفي حال نفت الوزارة امتلاكها لتلك القاعدة فيمكنها إنشاء تلك الداتا بسهولة لتضمن حصولها على كامل المعلومات المطلوبة، وبالتالي تستطيع إحكام قبضتها على الأسواق والمستوردين والتّجار معاً.

واستسهال..!

أما البعض الآخر من الخبراء، فجزم أن الوزارة تستسهل لغة التهديد والوعيد والتلويح بعصا عقوباتها مرة، والتودّد لضمائر التّجار وحثهم على التعامل الأخلاقي مرات عدة، حين تطالبهم بمراعاة الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد، بدلاً من تطبيق إجراءاتها الصارمة التي تلوح بها فقط على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي دائماً ما يعقبها موجة من السخرية والسخط لضعف أداء الوزارة في معالجة ملف من أهم الملفات، كونه يمسّ قوت المواطن ولقمة عيشه، بل تجدّد أزماته القديمة مع كل تغيّر اقتصادي أو أزمة طارئة تحصل في أي مكان من العالم!