عروض متميزة يبدؤها قدسية بـ “قلب العاشق” في احتفالية يوم المسرح العالمي بحمص
تتميّز احتفالية يوم المسرح العالمي في مدينة حمص لهذا العام بالعروض المسرحية النوعية التي تستمر لمدة أسبوع، وبالحضور الرسمي والجماهيري الكبير الذي احتشد في مدرج مسرح قصر الثقافة.
وفي كلمة افتتاح الاحتفالية أشار الرفيق عمر حورية أمين فرع الحزب إلى أهمية الحركة المسرحية في حمص والتي تتسم بالجدية وتبني الفكر التحرري الرافض للتطرف والتعصب، ولهذا كان مسرح حمص ولا يزال وسيلة تعبيرية راقية لتصحيح المفاهيم، وتوجيه الأفكار، ولاسيما في هذه الظروف الراهنة، التي يرى فيها راعي الاحتفالية، ضرورة ملحة لغرس القيم الصحيحة في نفوس الجماهير، وتعميق حسّ الانتماء الوطني.
بدوره اعتبر أمين رومية نقيب الفنانين في حمص المعدّ لهذا النشاط المتفرد أن النشاط المسرحي هو الحلقة الأقوى ضمن سلسلة النشاطات الثقافية والفنية في حمص، وهذا يعود إلى تميّز فناني المحافظة وقدرتهم على الابتكار والتجديد بفضل الدعم الكبير من المؤسّسات الفنية والثقافية التي وصلت بالأنشطة الفنية والثقافية لدرجة الاستراتيجية المنشودة.
عرض الافتتاح كان بتوقيع المسرحي المخضرم زيناتي قدسية، مخرجاً ومؤلفاً وممثلاً، مع لفيف من ممثلي مسرح قومي حمص، قدم فيه فكرة بسيطة بأسلوب مباشر تدعو الحاكم إلى الرفق بالرعية والشعور بأحوالهم بقلبه قبل عقله، اعتمد في إيصال فكرته على براعة واحترافية أدائه مع الفنانة المسرحية مثال جمول التي شاركته الديالوج المسرحي من البداية حتى النهاية، مشاركة سمتها التناغم في الأداء والتماهي في معايشة الشخصية ببساطتها وظرافتها وطيبتها المفرطة حدّ السذاجة في بعض الأحيان.
حمل العرض عنوان “قلب العاشق” ويحكي قصة إمبراطور يعاني من قصور في عمل عضلة القلب لديه، وحاجته إلى زراعة قلب تفرض على أطبائه مراجعة وتحليل أنسجة الرعية كافة، ومنها تحليل لطالبة جامعية تعدّ رسالة ماجستير في كيمياء العقل، وتقطن السكن الجامعي، تطابقت أنسجتها مع أنسجة الإمبراطور الذي يتسلل خلسة إلى غرفتها مرات عدة لتدور بينهما حوارية حول فلسفة دور العقل والقلب، وأيهما يتقدم على الآخر، لينتهي العرض بأرجحية كفة القلب قبل العقل، فالفتاة البسيطة التي جاء الإمبراطور يسلب قلبها استطاعت أن تسلب قلبه، ببراءتها وطيبة قلبها، وتحوّله من شخص يفكر بعقله إلى إنسان يفكر بعقله وقلبه معاً.
اعتمد قدسية على التنويع في الأداء والتنقل السلس بين الكوميديا والتراجيديا، وبشكل أساسي على مقدرة الممثلين دون الاتكاء على أي عنصر مسرحي مساعد، حتى الديكور الذي يفترض أنه لغرفة في سكن جامعي لم يقارب الواقع بأي شكل من الأشكال، وحتى لعبة الإضاءة والمؤثرات الصوتية لم توظف لتعزيز الحالة الانفعالية في الديالوج حتى المشهد الختامي الذي يتصالح فيه الإمبراطور مع طبيعة شخصيته الطيبة ويدعو للفرح والغناء، ومحاولة كسر الجدار الرابع والارتجال لتعزيز الحالة التشاركية مع جمهور العرض بدت وكأنها خارج السياق المسرحي، حيث بدت أقرب إلى النمط الاستعراضي الهزلي.
يُذكر أن عروض الاحتفالية تستمر لمدة أسبوع ونتابع فيها المخرج زين الدين طيار بعرض “الغنمة” الذي سبق وقدمه على خشبة مسرح قصر الثقافة في مهرجان حمص المسرحي الأخير، وعرض “نور العيون” للمخرج نزار خضور، يليه “حمام روماني” للمخرج فهد الرحمون مع فرقة نقابة المحامين. وتشارك فرقة مسرح العمال بإدارة المخرج سامر إبراهيم أبو ليلى بعرض “ذكاء” بالتعاون مع معهد الثقافة الشعبية، ويقدّم المخرج أفرام دافيد عرضاً للأطفال يحمل عنوان “سرحان في وادي الكسلان” مع فرقة المحبة، وتُختتم الاحتفالية بعرض “نهاية اللعبة” للمخرج جواد عكلا مع فرقة نقابة الفنانين.
آصف إبراهيم