اللعب بالمحاكاة.. مقترح مستوحى من حيثيات “معركة” سعر الصرف الأشبه ما تكون بـ “لعبة شد الحبل”..!
حسن النابلسي
نجمع بداية على أن مصرف سورية المركزي لا يتحمل وحده مسؤولية الانخفاض الأخير لسعر صرف الليرة مقابل الدولار، بل هناك جهات عدة تشاطره هذه المسؤولية، من بينها تلك المسؤولة عن العملية الإنتاجية، سواء من القطاع العام أم الخاص، يضاف إليها شريحة التجار وطريقة تعاطيهم مع هذه المسألة بطريقة تشي بعدم الثقة بوضع الليرة، إلى جانب الذعر النفسي الذي يتملك المواطن العادي تجاه الاهتزازات المرتدة عكساً على سعر الصرف، ومسارعة البعض إلى إضفاء سوداوية أكبر على صورة الواقع الاقتصادي، وعدم ادخارهم أي جهد لتحويل ما بحوزتهم من مدخرات مهما كانت بسيطة إلى دولار..!.
لسنا بوارد إعطاء دروس ومواعظ لكل جهة، إذ نعتقد أن كل طرف يعرف ما له وما عليه، وما عرضنا إلا للتوضيح والتذكير..!.
لا شك أنه الضابط ولكن..!
على اعتبار أن المركزي هو الضابط الرئيس لسعر الصرف والجهات الآنفة الذكر هي بالنهاية مساعدة له بقوة كبيرة، يفترض بالأول اعتماد آليات وأدوات جديدة غير تقليدية تمكنه من “اللعب” مع المضاربين إن صح التعبير، ولضمان نتائج مجدية بشكل كبير يحبذ أن تحاكي هذه الآليات آليات وأدوات من سيتم “اللعب” معهم..!.
قبل الخوض بالحديث عن هذه الأدوات، نبين أننا لا ندعي خبرة تضاهي خبرة المؤصّلين في المركزي، وما في جعبتنا لا يخرج عن نطاق الاقتراح المستوحى من متابعتنا لحيثيات “معركة” سعر الصرف التي باتت أشبه ما تكون بـ “لعبة شد الحبل”..!.
أساليب غير منضبطة..!.
فحوى اقتراحنا يتمحور حول اعتماد المركزي لأدوات غير تقليدية تتمثل باستخدام أساليب قد لا تكون معهودة، وإنما تحاكي الأساليب غير المنضبطة بالقوانين والقرارات، والتي يلجأ إليها المضاربون والمتعاملون في السوق السوداء لتحقيق مكاسبهم، على عكس التقليدية التي يعتمدها المركزي للتدخل من خلال المصارف وشركات الصرافة وسوق العملات المفتوحة. مع الإشارة هنا إلى أنه لا يمكن القول بأن جميع الأدوات تنجح 100%، على اعتبار أن الطرف المقابل في السوق (المضاربين) يغير من طريقة عمله وأدواته لتحقيق الربح بأي شكل كان، فهو لا يعمل وفق سلوك نمطي يمكن من خلاله معرفة كيفية اتجاهاته، مستفيداً بذلك من الظرف الراهن من جهة، والاستفادة من جميع القرارات الصادرة سواء عن المركزي، أم عن وزارات الدولة من جهة ثانية. وهنا يفترض بالمركزي متابعة تحركات وأساليب رموز المضاربين ويحدد كيفية تعاطيه وتعامله مع أي تغيير ينتاب هذه التحركات والأساليب لتفويت الفرصة عليهم.
أزمة مركبة..!
في النهاية، نحن أمام أزمة متداخلة ومركبة يتدخل بها المعلوم مع غير المعلوم، والأطراف التي لها تأثير في السوق مع أطراف قد لا تكون واضحة الأهداف بشكل دقيق، أزمة كل شيء فيها مباح، وأية أداة فيها مباحة من أجل الوصول لتحقيق الأهداف، مع الاعتراف بالطبع بأن ليس لدى الجميع أهدافاً مشتركة، فهدف الدولة تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطن، وتأمين استقرار الأسعار، بينما هدف الأطراف الأخرى هو تحقيق الربح بأية أداة ممكنة..!