الدفاع الأوروبي تحت وصاية الناتو
هيفاء علي
يتلعثم الاتحاد الأوروبي في الإعلان عن مشروعه الدفاعي وكأنه جديد، بينما تدور رحى الحرب على أبواب الاتحاد، فالجيش الألماني غير موجود، والجيش الفرنسي لا يملك القدرة على القتال، ربما لهذا السبب أصدر جوزيب بوريل، الممثّل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، إعلاناً يرجع تاريخه إلى أيار 2021 من سلة الاتحاد الأوروبي لتشكيل قوة قوامها 5000 جندي، وترجمة لهذا الإعلان، أقرت دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 في 28 شباط الماضي بوجود دفاع الاتحاد الأوروبي هذا من خلال إرسال أسلحة إلى أوكرانيا خلال اجتماع مجلس الدفاع، وكان بوريل قد أعلن بالفعل في 6 أيار 2021 عن خطة المفوضية الأوروبية لإنشاء وحدات عسكرية خاصة بها من “قوة الدخول الأولية”، مع 5000 جندي، ومن ثم وافق الاتحاد الأوروبي على تشكيل هذه القوة، والالتزام بزيادة نفقاته العسكرية حتى يتمكن من تنفيذ التدخلات بمفرده بحلول عام 2025، ومع الوضع الحالي في أوكرانيا، قرر الاتحاد الأوروبي، لأول مرة، تمويل أسلحة فتاكة (450 مليون يورو) إلى دولة ثالثة.
الدفاع الأوروبي يعتمد على الناتو
لم يتحدث التقرير السنوي للاتحاد الأوروبي الصادر عام 2020 عن إنشاء جيش أوروبي حقيقي، بل عن تعزيز تمويل سياسة الأمن والدفاع المشتركة، مشيراً الى أن “الناتو يظل حجر الزاوية للدفاع الجماعي عن تلك الدول الأعضاء التي هي أيضاً أعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي، وإلى أن التعاون بين الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يجب أن يكون مكملاً، ويحترم خصوصيات وأدوار كل من هاتين المؤسستين، ويجب تجنب أية ازدواجية غير ضرورية، أو استبدال الهياكل”، إضافة الى ذلك، شدد التقرير على فكرة أن التعاون الدفاعي هو إحدى ركائز التعاون عبر الأطلسي، وأنه لايزال ضرورياً للأمن المتبادل للدول الحليفة والشريكة، لذلك يعيد التأكيد على الحاجة إلى تعزيز هذه العلاقات، منوّهاً إلى أنه وفقاً لمبدأ “التجمع الموحد للقوات”، فإن تطوير القدرات الدفاعية للاتحاد لا يمارس ضغطاً تنافسياً كافياً لتهديد الحلف، وأنه سيكون مفيداً للدول الأطراف في الاتحاد الأوروبي وفي الناتو.
وأشار التقرير إلى ضرورة اعتبار التعاون الأكثر فاعلية فيما يتعلق بالأمن والدفاع في الاتحاد عاملاً يجعل من الممكن تعزيز الركيزة الأوروبية لحلف الناتو، وفي هذا السياق، كانت صحيفة “لا تريبيون” قد تحدثت في مقال نشر في منتصف آذار عن تقديم مشروع جيش الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وكيف ستتم مناقشة الالتزامات العسكرية للاتحاد الأوروبي في 23 آذار مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في قمة استثنائية لحلف شمال الأطلسي، وأشارت الصحيفة الى نقاط ضعف الاتحاد الأوروبي التي تتجلى في عدم استخدام مجموعات القتال بسبب الافتقار إلى الإرادة السياسية والوسائل المالية، بينما يعلن الاتحاد الأوروبي استخدام المجموعات القتالية التي تم إنشاؤها في عام 2007 لتشكيل قوة قوامها 5000 جندي، وبالإضافة إلى ذلك، يشير المحللون الى أن الأزمة الأوكرانية ألقت الضوء على عجز الجيش الألماني، وضعف الجيش الفرنسي على الرغم من تفوقه على تلك الموجودة في الدول الأوروبية الأخرى، إذ تمتلك فرنسا وألمانيا، مثل محرك الاتحاد الأوروبي، قلباً عسكرياً ينبض بمعدل منخفض جداً ولا يسمح بإنشاء جيش أوروبي حقيقي يخضع بما تبقى منه لحلف شمال الأطلسي، لذلك، تريد برلين، كما أفادت “آرتي”، نقلاً عن وزيرة الدفاع الفيدرالية كريستين لامبرخت، توفير قوة تدخل الاتحاد الأوروبي الجديدة لمدة عام، وأن ألمانيا ترغب في أن تشكّل قلب هذه القوة في عام 2025، وبذلك يبدو الأمر للمحللين الأوروبيين كما لو أن ألمانيا الخاضعة كلياً للولايات المتحدة، والتي احتلها الناتو منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تريد التفوق على فرنسا وعلى دول الاتحاد الأخرى، وإرسال جنود فرنسيين إلى صراعات تخدم مصالح الناتو والولايات المتحدة، وبحسب هؤلاء المحللين، فإن قوة الجيش الأوروبي في الوقت الراهن موجودة على الورق فقط، حتى لو تم إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، وإعلان جوزيب بوريل المتكرر يظهر هذا الضعف العسكري للاتحاد الأوروبي.