تحقيقاتصحيفة البعث

السكن الجامعي في “الهمك” خارج التغطية .. لامياه دافئة ولا محال تجارية..!

في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق ينطبق المثل القائل “البعيد عن العين بعيد عن القلب”, لكن وعلى ما يبدو للسكن الجامعي فيها حصة أكبر فهو بعيد عن الاهتمام أيضا وعن عيون المعنيين عنها , فهل وقوعها بداية الطريق المؤدي إلى مطار دمشق الدولي والمسافة التي تفصلها عن رئاسة الجامعة سببا لعدم المتابعة , أم أن هناك أسباب أخرى تجعلها خارج دائرة الرعاية والاحتضان؟

اهمال غير مبرر

الكلية باسمها الكبير كإحدى المؤسسات التعليمية والبحثية في قطاع التعليم العالي  والتي تطورت وقفزت قفزات نوعية خلال السنوات الماضية ,لم يشفع لها كوادرها وخريجيها وطلبتها من ذوي المؤهلات العلمية والعملية ممن يرفدون ميادين الإنتاج الصناعي المختلفة والاتصالات والحوسبة بأفضل الخبرات,  بأن يؤمن لقاطنيها من أبناء الارياف والمحافظات سكن بالحد الأدنى والمناسب لحجم التعب والدراسة الواقعة على عاتقهم وهم الحاملين بين صدورهم أحلام كبيرة عن الحياة الجامعية والسكن قيدتها  وأضعفت من عزيمتها لامبالاة من يفترض بهم مظلة الطلبة!.

فعمار طالب هندسة ميكانيك سنة خامسة والذي تحدث عن عدد زملائه الذين يشاركونه الغرفة ويفترشون الارض لقلة الاسرة إذ يبلغ عددهم سبعة, لم يشتك الزحمة التي اعتاد عليها بل انعدام الخدمات ضمن الوحدة الهرمة التي يقطنها كسوء الحمامات وعدم نظافتها وإغلاق معظمها, إضافة لمشاكل الصرف في الغرف والطوابق , أما عزام طالب هندسة حاسوب همه لم يختلف عن زميله وأضاف عليه المعاناة من انعدام التدفئة بشكل كامل وانقطاع المياه الساخنة منذ سنتين في الوحدة 16 , أما سلوى هندسة اتصالات فقد اعتبرت أن سكن الفتيات أفضل بقليل فالعدد في الغرفة 4 وقد تأتي المياه الساخنة نهاية الأسبوع أما التدفئة فمعدومة.

لا يوجد محال تجارية!

من يقارن هموم طلاب الهمك بسكن المزة يجدها واحدة لجهة قدم الوحدات السكنية وانعدام الخدمات ضمنها والعدد الكبير ضمن الغرفة, إلى جانب مشاكل التدفئة والمياه الساخنة, لكن الفرق الكبير الذي يوجع قاطني “الهمك” هو عدم وجود محال تجارية ضمن حرم الجامعة، فهي مغلقة جميعها باستثناء سوبر ماركت واحد أسعاره كاوية وغير مناسبة للطلبة ما يضطرهم للخروج للأسواق والأحياء المجاورة لاقتناء حاجياتهم إلى جانب عدم وجود حلاق أو معتمد غاز وحتى خياط على عكس سكن المزة. وفيما يتعلق بمادة الخبز، قال من التقيناهم  أنها غير كافية، وسعرها 250  ليرة، وهناك إشاعة – على حد تعبيرهم – بأن هناك من يشتريها من بـ 300 ليرة ليبيعها في الخارج بـ 1300 ليرة، وزاد همس البعض بأن رئاسة الجامعة هي وراء عدم إقبال مستثمرين لفتح محال ضمن تجمع الهمك بسبب المبالغ الكبيرة التي تفرضها بالتالي عزوفهم عن التجارة هناك ليقع الطالب الذي يعتبر مستهلكا ومعدوم الدخل ضحية رغبات وأهواء المسؤولين .

دون أثر يذكر

وللوقوف على معاناة سكن كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية تواصلنا مع مدير المدينة الجامعية في جامعة دمشق مضر العجي الذي عزا انعدام  المياه الساخنة والتدفئة لضعف توريدات مادة المازوت للمدينة الجامعية، حيث أنه ومنذ فترة طويلة لم تصل مخصصات للسكن ليتم استخدامها للتدفئة مبينا أنهم يحاولون إدارة الكميات الموجودة سابقا لاستخدامها حاليا لأغراض تسخين المياه.  وفيما يتعلق بمادة الخبز، أشار العجي إلى الاتفاق مع السورية للتجارة ومديرة المخابز والفرن المتواجد وبمتابعة من إدارة المدينة لتخصيص تجمع الهمك بـ 700 ربطة يوميا يحصل عليها السوبر ماركت أو السورية للتجارة، وفي حال تواجد أي خلل في التوزيع تتم متابعته, وبحسبة بسيطة إذا فرضنا وجود 500 غرفة بتجمع الهمك فإن مخصصات كل واحدة منها ربطة ونصف بغض النظر عن عدد الطلاب فيها.

استنكاف تجاري

وعن السوق التجاري الموجود في تجمع الهمك قال العجي: “تم الإعلان عن استثماره أكثر من مرة ولم ينجح بسبب عدم وجود متقدمين أو استنكاف الموجود منهم عن الاستثمار”. وبعد استغرابه  للاسعار المرتفعة في السوبر ماركت المتواجد في التجمع، والذي من المفترض أن تتقيد بأسعار السورية للتجارة باعتباره واحدا من فروعها، أكد العجي على طرح تواجد “السورية” بالاستثمارات الجديدة غير أن المزاد لم يرس، وجميعها مرتبطة بقانون العقود.

وبعد حديثه عن حاجة الوحدة 16 لترميم كامل رمى مدير المدينة الجامعية معوقات الترميم وصعوبات التنفيذ في ملعب التمويل معرجا على ما قام به في تجمع الهمك منذ استلامه مهامه كفتح قسم حاسب خاص بالتجمع لتبسيط الإجراءات المتعلقة بالسكن حيث باتت تتم داخل الحرم دون اضطرار الطلاب للقدوم لتجمع المزة, وافتتاح أمانة صندوق لاستلام رسوم السكن ما وفر جهد ووقت ومال , إضافة لإحداث مكتبة مركزية بجانب الوحدة 16 وكلها تمت ضمن الإمكانيات المتاحة.

ضرورة

إيلاء السكن الجامعي اهتماما من أعلى المستويات أمر لابد منه فمشاكل ساكني تلك التجمعات واحدة وقديمة وبإمكان خريج الثمانينات أن يسرد بشكل مطول مشاكل السكن الجامعي وكأنه غادر في الأمس تلك المدينة التي يحلم بها أي طالب بكالوريا يرى في مركز المدينة أول خيط طموحاته, فهل يعقل أن جميع الإدارات المتعاقبة لم تسجل انجازا واحدا يذكر؟ يحق لنا أيضا أن نسأل عن مصير استثمارات المحال والمقاصف في الجامعات والسكن وأن نرفع الصوت متسائلين: أين تذهبون بتلك الأرباح؟ وفي أي المشاريع تصب؟! سؤال نتمنى الإجابة عليه بشواهد على أرض الواقع.

يشار إلى أن المدينة الجامعية بدمشق تضم ثلاثة تجمعات: الأول والأكبر في منطقة المزة مقابل كلية الآداب والعلوم الإنسانية والثاني في برزة ويضم وحدتين سكنيتين والثالث في موقع كلية الهمك – موضوع حديثنا – بالقرب من دوار مطار دمشق الدولي، وتستوعب المدينة بتجمعاتها الثلاثة حوالي العشرين ألف طالب وطالبة.

نجوى عيدة