أخبارصحيفة البعث

الغرب يقرّ بعجزه عن محاصرة روسيا.. العقوبات بدأت ترتدّ عكسياً

تدريجياً تقرّ الدول الغربية بأنها غامرت كثيراً بمصالحها عندما قرّرت فرض عقوبات اقتصادية أحادية غير مدروسة ضدّ موسكو على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، حيث بدأت الآثار السلبية لهذه العقوبات تظهر بشكل واضح في اقتصاداتها، فالعقوبات التي استهدفت مصادر الطاقة والأسمدة والتكنولوجيا بدأت ترتدّ سلباً على أصحابها وأدّت إلى خلل في منظومة الدول المستوردة لهذه المنتجات حيث ارتفعت أسعارها محلياً في هذه الدول، الأمر الذي أثر بشكل سلبي في كامل هذه القطاعات.

فقد تحدّث الخبير الاقتصادي، أوليغ سيروفاتكين، عن الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات عن صادرات الأسمدة المعدنية من روسيا.

وقال سيروفاتكين، المحلل البارز في شركة “أوتكريتيي انفستمنت”: إن قرار السلطات الأمريكية رفع العقوبات عن الأسمدة الروسية هو إجراء مفهوم وقسري.

وأشار إلى أن السلطات الأمريكية رفعت العقوبات من أجل تلافي النقص في هذه المنتجات وتجنّب تأثير ذلك في القطاع الزراعي الأمريكي.

وأوضح الخبير، أن استمرار العقوبات على روسيا سيؤدّي إلى زيادة كبيرة في أسعار المنتجات الزراعية في العالم، ما سيؤدّي إلى تسارع تضخم أسعار المواد الغذائية، وهي مشكلة عالمية.

ورجّح الخبير أن يقوم الاتحاد الأوروبي بخفض الرسوم المفروضة على استيراد الأسمدة من روسيا، في خطوة لدعم القطاع الزراعي الأوروبي.

وفي الأسبوع الماضي، ذكرت صحيفة “كوميرسانت” الروسية أن واشنطن خففت القيود المفروضة على استيراد الأسمدة المعدنية الروسية، من أجل تلافي النقص في هذه المنتجات وتجنّب تأثير ذلك في القطاع الزراعي الأمريكي.

وقالت صحيفة “كوميرسانت”: إن أوروبا والولايات المتحدة تعتمدان بشكل كبير على إمدادات الأسمدة المعدنية من روسيا، بينما الأخيرة قادرة على إعادة توجيه تدفق الأسمدة إلى آسيا في حالة تدهور الوضع.

وتعاني ألمانيا أكثر من غيرها من آثار هذه العقوبات، حيث أشار مسؤول ألماني إلى أن محطة الغاز المسال في مدينة فيلهلمسهافن بشمال ألمانيا، بعد الانتهاء من بنائها، ستساعد على استبدال إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا بنسبة 40% بحلول صيف 2023.

وجاء ذلك حسبما صرّح به رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى بألمانيا، ستيفان ويل، في مقابلة مع صحيفة “فيلت” نشرت اليوم الاثنين.وقال المسؤول الألماني: “في الربع الأول من العام المقبل سنكون قادرين على استبدال إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا بنسبة 20%، وبحلول الصيف بنسبة 40%”.

وفي وقت سابق ذكرت صحيفة “دير شبيغل” أن محطة استقبال الغاز في مدينة فيلهلمسهافن ستكون قادرة في العام 2023 على استقبال ما يصل إلى 18 مليار متر مكعب من الغاز المسال.

وفي الوقت الراهن لا توجد في ألمانيا محطات لاستقبال الغاز المسال، لكن هناك محطتان قيد الإنشاء، الأولى في فيلهلمسهافن، والثانية في برونسبوتل، وتقع كلتا المدينتين في ولاية سكسونيا السفلى، ولديهما منفذ إلى بحر الشمال.

وقبل ذلك صرّح المستشار الألماني، أولاف شولتس، بأن “ألمانيا ستكون قادرة على الاستغناء عن الاعتماد على واردات النفط والفحم من روسيا في غضون عام، لكن الاستغناء عن الغاز سيستغرق وقتاً أطول”.

وتعدّ روسيا أبرز مصدّري الغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي، وعلى مدى العقود الماضية أثبتت أنها مورّد موثوق لموارد الطاقة، ووفقاً لبيانات رسمية صدّرت شركة “غازبروم” الروسية في عام 2020 نحو 157 مليار متر مكعب من الغاز.

جاء ذلك بينما ذكرت صحيفة “فيدوموستي” الروسية أن مصانع مجموعة “فولكس فاغن روس” في مدينتي كالوغا ونيجني نوفغورود الروسيتين قد تستأنف العمل في صيف هذا العام.

وكتبت الصحيفة نقلاً عن مصادر مطلعة على خطط الشركة أن “مصانع مجموعة فولكس فاغن روس في كالوغا ونيجني نوفغورود قد تستأنف العمل في حزيران وتموز 2022”.

يشار إلى أنه تم إيقاف الإنتاج في 3 آذار على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على أثرها ضد روسيا، ومشكلات في توريد المكونات.

وكانت مجموعة فولكس فاغن روس قد أعلنت رسمياً عن توقّف مؤقّت للإنتاج حتى 12 أيار، حسبما كتبت الصحيفة.

ومع ذلك، وفقاً لمصدر الصحيفة، فإنه سيستمر حتى تموز وذلك لأن توريد بعض المكونات متعثر على الحدود مع بولندا. ونظراً لأن العبور عبر الأراضي الأوكرانية أمر مستحيل، وبولندا لا تسمح بمرور البضائع، يتم النظر في مسألة تسليم المكوّنات إلى اسطنبول وعبر جورجيا إلى روسيا.

وحسب مصدر الصحيفة، تأمل إدارة الشركة أن يتم حل هذه القضية بحلول منتصف شهر أيار المقبل.

إلى ذلك، قالت وكالة “بلومبرغ” في تقرير، اليوم الاثنين: في حال لم يفرض المشترون الرئيسيون حظراً على مواد الطاقة الروسية، فإن موسكو ستحقق أرباحاً قياسية وتكسب أكثر من 321 مليار دولار.

وتصف الوكالة الأرقام المتوقعة للتجارة الروسية وميزان المدفوعات بـ”المبهرة”.وقالت: “على الرغم من الضغط الخانق على الشؤون المالية الروسية من الخارج، تتوقع بلومبيرغ إيكونوميكس أن تكسب موسكو ما يقرب من 321 مليار دولار هذا العام من صادرات الطاقة، أي أكثر من الثلث مقارنة بعام 2021”.

وأضافت: يمكن لروسيا أيضاً أن تتوقع فائضاً قياسياً، وهو ما يتوقعه المعهد الدولي للمالية العامة (IIF)، يمكن أن يصل إلى 240 مليار دولار.

ووفقاً لتقرير مجموعة “IIF”، لم تتمكّن العقوبات الحالية من وقف تدفق “العملة الصعبة” إلى روسيا.

وقد صرّح خبراء أيضاً بأن الدخل من بيع الطاقة سمح لموسكو بالتخفيف من عواقب الإجراءات التقييدية الشديدة التي فرضها الغرب.

في سياق متصل، أعلنت شركة “لاتفيجاس غاز” اللاتفية أنها تدرس إمكانية دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، معتبرة أن ذلك لن ينتهك العقوبات ضد روسيا.

وقالت الشركة في بيانها: “في البداية إن إجراءات التسوية بالروبل الروسي لا تنتهك رسمياً نظام العقوبات وهي ممكنة. تواصل الشركة الآن تحليل طريقة التسوية المقترحة من وجهة نظر قانونية ومن وجهة نظر تجارية”.

وفي الوقت نفسه أكد رئيس مجلس إدارة الشركة أن احتياطيات “لاتفيجاس غاز” من الغاز الطبيعي كافية للوفاء بالتزاماتها تجاه المستهلكين.