“يطعمكم الحج…”!!
قسيم دحدل
ثمّة إشكالية ترتبط بقرارات اللجنة الاقتصادية، وتحديداً تلك التي تتعلّق بمنع استيراد المنتجات الغذائية، ليس فقط لناحية أصناف وأنواع تلك المنتجات فقط، بل والأهم توقيت قرار منع استيرادها، ومن ثم إعادة السماح بالاستيراد.
ولا تقتصر تلك الإشكالية على ما سبق، وإنما تتجاوزها لناحية الفارق الزمني ما بين قرار المنع وقرار السماح، إذ أن مثل هذا الفارق والذي يمتد لعدة أشهر، يفسح المجال لعمليات التهريب، حيث وبعد كل قرار منع تنشط تلك العمليات، ولا أدلّ على ذلك ملاحظة وفرة مدروسة من المنتجات التي طالها المنع في…!
الإشكالية الأخرى تتمثل في أن قرار منع استيراد بعض المنتجات الغذائية يتزامن مع موسم إنتاج غذائي محلي (مثال الموز والحمضيات)، حيث لوحظ أنه وفي كل عام، ومع بدء موسم تسويق محصول حمضياتنا، يتوفر الموز في الأسواق رغم أن هناك قراراً بمنع استيراده، والأنكى أنه وبعد أن يكون السوق قد أغرق بمادة الموز، يطالعنا قرار السماح باستيراده!!.
الأمر عينه تتكرّر كذلك في مادة التمور، وهنا لم يرتبط قرار المنع بموسم، وإنما بمناسبة وهي شهر رمضان الفضيل. ففي أواخر الشهر الثامن من العام الماضي، أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قراراً بإيقاف استيراد 20 مادة لمدة ستة أشهر، وذلك بناء على توصية اللجنة الاقتصادية، ومن ضمن تلك المواد الجوز واللوز والكاجو والزبيب والتمر.
والمفارقة أن القرار السابق، والذي مُنع فيه من ضمن ما تمّ منع استيراده، التمور لمدة حوالي سبعة أشهر، أعقبه قرار سماح بإعادة استيراد عدد من المواد ومنها التمور – في نهاية الشهر الثالث 2022، أي بعد حوالي ثمانية أشهر، وقبل بداية شهر رمضان بأيام لا تتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة!.
نتيجة لهذا الوضع غير المفهوم في توقيت قرارات المنع ونقيضه، والتي أدّت سابقاً وأدت حالياً لدخول التمور وغيرها إلى أسواقنا بشكل غير شرعي، فالتساؤلات التي تطرح نفسها: هل يعقل أن نسمح باستيراد مادة غذائية “أساسية” في شهر رمضان ومرتبطة به، قبل بضعة أيام من بدئه؟!، وكم ستحتاج إجازات الاستيراد من وقتٍ، لتكون تلك المادة في أسواقنا؟ ألم تؤدِ مثل هكذا قرارات إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير معقول أبداً (وصل سعر كلغ أدنى أنواع التمور إلى أكثر من 12 ألف ليرة، وأفخره لأكثر من 40 ألفاً)؟، وهل بمثل ذلك يتمّ خفض الأسعار؟!.
في المقابل، أليس المستهلك الذي سيدفع أكثر وخزينتنا العامة التي ستفقد أكثر، هما الخاسران، والرابح دائما التّجار، بسبب قرارات كهذه، أفسحت المجال – دون قصد والله أعلم – نتيجة لدخول التمور المهرّبة؟!!.
على ما يبدو أن هناك البعض ممن لا يحبّذ قرارات: “كل شيء في وقته حلو”، بل قرارات: “الله يطعمكم الحج والناس راجعة..!!”.
Qassim1965@gmail.com