اعتمادية الكليات الطبية تدفع باتجاه إحداث “الهيئة الوطنية للجودة”
دمشق – لينا عدرة
انطلقت الفكرة الأساسية لإنشاء “الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية” من ضرورة إيجاد بنية تتولى مهمة التواصل والتعامل مع البنى الموجودة خارج سورية لضمان استمرار اعتمادية كلياتنا الطبية كما هو متعارف عليه عالمياً.
وبين عضو مجلس مفوضي الهيئة، الدكتور خليل العجمي، أن حرص وزارة التعليم العالي على اعتمادية الكليات الطبية السورية في العالم دفع باتجاه إحداث الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية، ولاسيما إذا ما علمنا أنه، وبدءاً من عام 2024، ستكون هناك اعتمادية خاصة للكليات الطبية، على الصعيد العالمي، تتبع لضوابط معينة، لافتاً إلى أن وضع قواعد للجودة والاعتمادية في التعليم هو إحدى المسؤوليات التي تندرج ضمن مهام هيئات الجودة والاعتمادية الموجودة في كل دول العالم، مشيراً إلى أنه مثل دول العالم تم اعتماد هذا النموذج، حيث وجِدت مديرية الجودة والاعتمادية في الوزارة في وقت سابق، إضافة لمركز القياس والتقويم، لتأتي الهيئة اليوم وتُنشئ إطاراً لنموذج أقرب للنموذج العالمي.
وأوضح العجمي أن هناك معايير علمية يخضع لها موضوع تصنيف الجامعات تعتمدها مؤسسات التصنيف العالمية كالتايمز وQS رغم الدور الذي قد يلعبه العامل السياسي في بعض الأحيان، فعلى سبيل المثال، بيّن العجمي أن بلداً كبلدنا تعرّض لمختلف أنواع الحصار التكنولوجي والتعليمي، إضافة لحصار اقتصادي، من الصعب عليه إقامة علاقات تعاون وطيدة وقوية مع جامعات ومؤسسات عالمية، الأمر الذي سيؤثر على تصنيف الجامعات، لأن تلك العلاقات تشكّل عاملاً أساسياً من عوامل تصنيف الجامعات في العالم، وبالتالي نظراً للحصار الجائر من الطبيعي أن تخسر الجامعات السورية في التصنيف، لأنها لن تكون قادرة على إقامة علاقات كتلك التي تقوم بها جامعات في دول الخليج أو مصر، ما يعني في المحصلة أن الظرف السياسي يؤثر حتى على عمل الجامعات بغض النظر إن كانت تعمل بشكل صحيح مئة في المئة، أو تتخلل عملها بعض الإشكالات والنواقص، وأشار العجمي إلى أن هناك جملة عوامل تدخل في تصنيف الجامعات كجودة التعليم، ونسبة الأستاذ لطالب، وجودة البحث العلمي ومخرجاته، والنشر العالمي، وأعداد الطلاب وسمعتهم في سوق العمل.
وأشار العجمي إلى أن السياسة القائمة على ضرورة الاستيعاب الجامعي تضع الجامعات خارج نسبة أستاذ طالب المعتمدة عالمياً، إلا أنها سياسة تحقق غرضاً اجتماعياً وسياسياً.. معتبراً أن هناك جملة عوامل ذاتية وخارجية تسببت في تراجع الجامعات السورية في التصنيف يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. وعليه، لا يمكن لطلابنا أن يتساءلوا عن سبب تراجع تصنيف جامعاتهم وأن يطالبوا في الوقت نفسه بالحفاظ على سياسة الاستيعاب الجامعي، لأننا إذا أردنا الاستمرار في سياسة الاستيعاب الجامعي، فمن الطبيعي أن نخسر نسبة أستاذ طالب التي من المفروض أن تكون منخفضة.
وأكد أن جامعات عريقة، كحلب ودمشق، قادرة على التقدم عالمياً عند حل مشكلة الظرف الخارجي والضغط الاقتصادي، منوّهاً إلى وجود جامعات لا علاقة لها بالبحث العلمي، كالجامعة الافتراضية – التي تعتبر جامعة حديثة وغير تقليدية – تختلف كلياً عن جامعة دمشق – التي هي أصلاً جامعة بحث علمي – وبالتالي لا يمكن أن تدخلا في السياق نفسه، أو أن تحقق الافتراضية نتائج متقدمة في التصنيفات، كونها لا تشتمل على الكليات الطبية التي تعتبر القوة الضاربة للبحث العلمي في معظم جامعات العالم، والسبب أن العدد الأكبر من النشرات يصدر من المخابر الطبية، وهذا ما لا تتمتع به، أو تملكه، الافتراضية، لأن الطب لا يمكن تعليمه افتراضياً.
وأكد أن هناك مؤشرات وأدلة على الجودة والاعتمادية تتمتع بها جامعاتنا السورية أهم من تلك التصنيفات، والدليل أن المنتج الذي تقدمه الجامعات السورية منتج ممتاز، فمعظم خريجينا يقبلون في مختلف الجامعات العالمية، لا بل يحققون نتائج رائعة، حيث تتلقفهم الشركات والمؤسسات، وهذا مؤشر ودليل على الجودة والاعتمادية.
ونوّه في ختام حديثه إلى أن سورية لا تزال من بين أفضل الدول بالنسبة للترتيب والمؤشرات في الدعم والإنفاق الحكومي على التعليم، متقدمة على الكثير من الدول في هذا المجال، حسب ما بيّنته إحدى نتائج تقرير صدر بالتعاون بين الهيئة العليا للبحث العلمي، ولجنة غرب آسيا للأمم المتحدة حول موضوع الاقتصاد القائم على المعرفة في عام 2021، والمفاجأة كانت أن لدينا لغاية الآن إنفاقاً عالياً جداً على التعليم، خاصة التعليم المدرسي، ما يحتسب لبلدنا، الأمر الذي يؤكد أننا بمجرد معالجة بعض مواطن الخلل الناجمة عن حالة الحرب والحصار سنحقق نتائج مميزة، على حد تعبيره.