لنبقى على قيد الحب
سلوى عباس
عناوين كثيرة لأعمال درامية سورية أُدرجت على قائمة العرض التلفزيوني لهذا الموسم الدرامي، تنوّعت موضوعاتها بين الاجتماعي والكوميدي والتاريخي و”الشامي”، وفي جولة على دراما هذا العام نرى طغيان الطابع الاجتماعي على هذه الأعمال، وهذا لا يمكن التعامل معه إلا بنص اجتماعي يحمل رؤية اجتماعية معاصرة، لعلّ خير من يمثله مسلسل “على قيد الحب” (تأليف فادي قوشقجي، وتوقيع المخرج باسم السلكا، وإنتاج شركة إيمار الشام). ورغم أن من المبكر الحديث عن العمل، حيث ما زال في حلقاته الأولى، لكن كما يقول المثل “المكتوب يقرأ من عنوانه”، فعبارة على قيد الحب هي ما نحتاجه بعد حرب ضروس غيّبت القيم والمرجعيات الأخلاقية والاجتماعية، الأبوية بشكل عام وغيبت الانتماء. و”على قيد الحب” يعيد الاعتبار لهذه المرجعيات التي تجسّدها شخصيات العمل وتحديداً الشخصيات الرئيسية من رواد الدراما، كالفنانين دريد لحام وأسامة الروماني ونادين وصباح جزائري ووفاء موصللي، وهؤلاء، باعتقادي، هم رهاننا الحقيقي، بل يمثلون حتى الآن الرافعة الفنية والفكرية للدراما ماضياً وحاضراً، من خلال مشاركاتهم التي لا تزال حاضرة تجذب الكثير من المشاهدين لمتابعة عمل ما، لمجرد مشاركة أحدهم فيه، حتى أن بعضهم ما زال يعطي لهذا الفن خلاصة روحه، انطلاقاً من قناعتهم بأن الدراما رافعة ثقافية مسؤوليتها رفع مستوى وعي المشاهد، وهذا ما نلمسه في أعمال الكاتب فادي قوشقجي الذي يمثل الحب العقد الناظم لمجمل أعماله، والنافذة التي يطلّ منها على الحياة، لذلك أعماله الدرامية جميعها مشغولة بالمغامرة المحاطة بنبض القلوب وشفافية الروح يحاول بثّ النسغ في موجودات الحياة ويعيد لها تألقها، فتتعدّد مستويات المشاهدة والقراءة لكل عمل من أعماله بطريقة تختلف بعمقها عما سبقها من قراءات، ما يكشف عن تجربة درامية غنية ومتميزة بموضوعاتها وتقنياتها، ما يجعل هذه الأعمال قريبة من أرواحنا تخاطبها بشفافية وصدق وكأنها تتحدث عن حالة كل واحد منا، وأهم ما يميّز تجربته هو انسجامه مع نفسه، وتركيزه على البعد الإنساني للموضوع الذي يتناوله بكل ما يحمله من مشاعر وعواطف، فالإنسان لديه محور كل قضية يطرحها.
ولكن السؤال الذي يحضر هنا: هل تستطيع الدراما عبر الأعمال التي تُعرض في هذا الموسم أن تكون مرآة للناس، يرون أنفسهم من خلالها وتكون خطوة في مشروع ثقافي تنويري تمثل الدراما جزءاً مهماً فيه رغم ضيق هامش الحرية الذي تتعامل في إطاره بحكم دخولها لكل المنازل، وتنوّع الشرائح التي تشاهد هذه الأعمال، ولنكون منصفين من خلال ما طرح من عناوين لأعمال درامية لهذا الموسم، لن تسعفنا الظروف وللأسف في متابعتها كلها، نرى محاولة جادة من قبل كتابها لتلمس الطريق بما تتضمنه هذه الأعمال من إنسانية وواقعية في تناولها، وهذا أمر يدعو للتفاؤل بأن هناك شيئاً واعداً يؤسّس لمستقبل جيد، فالدور الأول للدراما هو وضع المرآة أمام المجتمع، ونتمنى من دراما هذا العام وتحديداً الأعمال التي تتناول قضايا إنسانية اجتماعية أكثر ما برز منها إلى جانب “على قيد الحب” أعمال “مع وقف التنفيذ” و”كسر عضم” وغيرها من أعمال تتناول القضايا الإنسانية بكل أبعادها، أن تعكس هذا الدور بشكل كبير بحيث توضع المرآة في مكانها الصحيح.