مع (( شبكة السلطة الرابعة ))..
د. مهدي دخل الله
هما مصطلحان مهمان في الحياة المجتمعية اليوم : الأول ( شبكة ) ، والثاني ( السلطة الرابعة ) ، أي الإعلام الذي هو – مجازاً – سلطة رابعة في المجتمع المعاصر . المهم هو هذا النوع من الجمع بين تكنولوجيا التواصل المعاصرة والإعلام ، حيث ينتج عن هذا الجمع نوع من الإعلام التفاعلي المباشر الذي كان غريباً عن البيئة الإعلامية عندنا ..
وقد نلحظ تناقضاً مضمونياً بين المصطلحين ، فالشبكة تعني التواصل بين أطراف متساوين ، بينما الإعلام يعني – تقليدياً – أن طرفاً يُعلم طرفاً آخرَ ، أي أن هناك فاعلاً ومنفعلاً ( ملقياً ومتلقياً ) . و للأسف ، ليس لدنيا حتى الآن تعبير جديد بدل مصطلح ( الإعلام ) . ويبدو أن المصطلح الإنكليزي ( MEDIA ) ليس لديه مثل هذه المشكلة ، لأنه مأخوذ من مفهوم التوسط بين طرفين متساويين .
بادر بتأسيس (( الشبكة )) الإعلامي مازن مخلوف مع مجموعة من الإعلاميين والباحثين ، وسرعان ما انضم إليها عدد كبير من أساتذة الجامعات والإعلاميين والباحثين والمهتمين والشخصيات الثقافية والحزبية . والمدهش هو انضمام رئيس الحكومة ، ورئيس اتحاد العمال ، وعدد من الوزراء والمدراء . وما هو أهم استجابة الوزراء والمدراء ، وغيرهم من المسؤولين ، للقضايا الخدمية المطروحة استجابة مباشرة . فلهم جميعاً التقدير كله ..
حول (( الشبكة )) أود ذكر ما يأتي :
أولاً – هي أول تواصل تفاعلي مباشر وسريع بين الباحثين والمهتمين ، وكذلك بين المجتمع والاستابلشمنت ( المؤسسات الرسمية ) . الإعلام التقليدي لا يستطيع القيام بهذه المهمة بالسرعة نفسها ، بما في ذلك التلفزيون .
ثانياً – هي تأكيد على إيجابيات تكنولوجيا التواصل العصرية ، بعيداً عن سلبياتها المعروفة ، والتي نشاهدها في عمليات الاستخدام السخيف لهذه التكنولوجيا من الأفراد والمجموعات .
ثالثاً – هي تحديث لطبيعة الإعلام ولدوره ، بحيث يصبح إعلام مجتمع ، لا إعلام حكومة يقوم على علاقة ملقي – متلقي . في (( الشبكة )) ، يتبادل الملقي والمتلقي مواقعهما باستمرار في بيئة تفاعلية ( Interaction ) ..
رابعاً – لا تقتصر (( الشبكة )) على الإعلام العمودي ( بين المجتمع والاستابلشمنت ) ، وإنما تحقق في الوقت نفسه إعلاماً أفقياً ( بين أفراد المجتمع أنفسهم ، وكذلك بين الباحثين والمهتمين الذين يتبادلون الآراء )..
خامساً – تُحرر (( الشبكة )) الجهد الإعلامي من قيد التعويض المادي ، بمعنى (( عبودية )) الإعلام للراتب أو الأجر . بهذا يكون الإعلام أكثر حرية وموضوعية ويعزز ثقافة الفعل في المجتمع التطوعي .
سادساً – تُنمي (( الشبكة )) الإحساس بالمسؤولية المجتمعية تجاه القضايا ، والتخلص شيئاً فشيئاً من فكرة (( أبوية الدولة )) ، فقد كنا دائماً نرى في الدولة الكائن القادر على كل شيء ( ونحنا ما دخلنا ) .
سابعاً – تلعب (( الشبكة )) دوراً علمياً ، إضافة إلى دورها الإعلامي ، لأن معالجة القضايا عبر التحليل العلمي تسهم في نشر المعرفة المحددة والاختصاصية عند غير الاختصاصين من المشاركين . وأكثر ما عملت عليه الشبكة هو نشر المعرفة الاقتصادية عند غالبية المشاركين غير المتخصصين بالعلوم الاقتصادية . هنا ، لابد من التنويه بكتابات د. حيان سلمان وشادي أحمد وغيرهما ..
mahdidakhlala@gmail.com