رغم الحاجة لتطوير إدارة الموارد المائية الجوفية ..التقانات في طي النسيان ؟!
دمشق- بشار محي الدين المحمد
رغم وجود أبحاث وتقانات في غاية الأهمية كتقنيات الاستشعار عن بعد والنظم الجغرافية وغيرها من التقانات في موضوع المياه الجوفية، لكن القيمة التطبيقية لهذه الأبحاث تكمن في تبنيها من قبل الجهات المعنية وصاحبة القرار بغية رسم السياسات المائية الصحيحة لنوع المزروعات التي تستهلك مياه أكبر بالمقارنة مع المحاصيل الأخرى كمحصول الشوندر السكري علي سبيل المثال، إضافة لمراقبة انحسار أو نمو المخزون الجوفي لإدارة الموارد المائية بصورة متكاملة، وبالرغم من الفوائد المتعددة والحاجة لها إلا أنها للأسف ورغم انطلاق العديد من الدراسات منذ التسعينيات ما زالت بعيدة كل البعد عن واقعنا الزراعي والبيئي.
الدكتور محي الدين كلخه، الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية- حماه تحدث في تصريح خاص لـ”البعث”عن أهمية هذه التقانات في كثير من المواضيع وخاصة في الحوض المائي في مصياف، فمعرفة كميات المياه الجوفية وتركيزها وحظر الحفر بمواقع دون أخرى يعني التخطيط البعيد والعميق للثروة المائية والحفاظ على تجددها، حيث يساهم وضع خرائط المياه الجوفية للأحواض المائية في وضع استراتيجيات إدارة الموارد المائية بكفاءة عالية عن طريق الربط الجغرافي والتكامل مع حركة المياه وتوزيعها وخواصها الكيميائية و الفيزيائية و جودتها بين مكونات المياه السطحية والجوفية، بغية وضع تصور أعمق من قبل الجهات المعنية بمتابعة ودراسة الوضع المائي حول آلية وديناميكية حركة المياه الجوفية في أعماق الأرض، إضافة لخلق تصور عن نمو وانحسار هذه المياه خلال السنوات الرطبة والجافة بهدف رسم خطط فعالة في تبني ممارسات وسياسات مائية تتيح التركيز على نقاط الضعف والقوة للمناطق ذات الأولية الزراعية في عمليات التنمية المستدامة للموارد المائية، فيتم ذلك من خلال التشجيع على عملية التغذية المائية الجوفية عبر إنشاء السدود السطحية والتجميعية والبحيرات الصناعية لتعزيز المخزون المائي الجوفي بالتوازي مع الطبيعة الطبوغرافية ونوعية التركيبات الجيولوجية المساهمة في هذه التغذية المائية.
وتابع الدكتور كلخه إن خرائط المياه الجوفية في باطن الأرض هي تمثيل أولي لصورة المياه السطحية فهي تعطي إلى حد ما تصور أولي لماهية وطبيعة حقيقة الجريان المائي الأرضي وشكله وغزارته ضمن جيوب باطن الأرض، فكلما كانت مساحة المياه السطحية كبيرة كانت المياه الجوفية المقابلة لها كبيرة، لذلك لابد من العمل على تعزيز وتوسيع امتدادات المياه السطحية بطرق متعددة من خلال إقامة السدود والبحيرات الصناعية والسدود التجميعية وخزانات المياه أو استخدام تقنيات حصاد المياه على مستوى المزرعة بهدف تدعيم وتغذية المياه الجوفية، كما أن مصادر المياه الجوفية وأماكن تواجدها تتنوع بين مياه الهطل المطري والثلجي، أو أي مصدر مائي سطحي يتسرب فيما بعد إلى طبقات التربة وصولاً إلى الصخر الأم الحاضن للمياه.
وأشار كلخه إلى عملية إدارة الموارد المائية الجوفية والسطحية وتطويرها تبدأ من فهم وإدراك عناصر ومكونات الدورة الهيدرولوجية، كما يحتاج للربط بين جميع مكوناتهما بهدف تعزيز ودعم مراقبة نمو وانحسار الموارد المائية تبعاً للتغيرات المائية خلال السنوات الرطبة والجافة، وذلك من خلال تمثيل عناصر المياه السطحية وعناصر المياه الجوفية في آن واحد عبر وضع نموذج بيانات موحد يحقق تكامل عناصرهما، كما تتيح التقانات ربط المياه السطحية والجوفية في آن واحد ضمن إطار عمل مشترك عن طريق إعداد قواعد بيانات، وهنا يقدم برنامج نظم المعلومات الجغرافية البيئة الحاضنة لتسلسل وترتيب هذه الآليات التي تتكامل وتتضافر مع بعضها لتعريفنا بالآلية التي تتراكم فيها المياه بدأً من الهطل والجريان السطحي ومن ثم الترشيح وصولاً إلى الطبقات الهيدروجيولوجية ومن ثم إلى الحوامل المائية الباطنية وأخيراً إلى المياه الجوفية في أعماق الأرض.
ويرى الدكتور كلخه أن المعرفة الشمولية لبيانات المياه الجوفية تستوجب التوسع في اتجاه النمذجة وتكامل بيانات نماذج المياه الجوفية مع المياه السطحية لوصف بيئة المياه الجوفية الواقعية والحقيقية، من خلال تكامل نموذج بيانات المياه الجوفية في نظام المعلومات الهيدرولوجية ومزامنتها ضمن نظام المعلومات الجغرافية، من جهة أخرى فإن معرفة عمق المياه الجوفية يرتبط بمعرفة طبيعة سمات مختلف التكوينات الجيولوجية مثل المسامية والنفاذية ومعامل التخزين، وبالتالي معرفة مقدرة الامتصاص والتصريف للمواد الجيولوجية، حيث تتوقف حركة المياه الجوفية داخل الصخور في أعماق الأرض على خصائص التراكيب الجيولوجية.