رحل المسرحي حسام خربوطلي ولم ترحل بصمته الفنية
حلب-غالية خوجة
ستتظل منصات المسرح بانتظار حسام خربوطلي ومنها منصة دار الكتب الوطنية ونقابة الفنانين، كما ستنتظره المهرجانات المسرحية الشابة، لماذا؟
لأن الكاتب الممثل والمخرج حسام الدين خربوطلي إحدى شخصيات المسرح الحلبي الطموحة الشابة الجادة، وبرحيله يفقد المسرح بصمة فنية من الجيل الشاب، كونه أولى اهتماماً خاصاً لما يقدمه من أعمال حازت عدة جوائز منها جائزة الإخراج عن مسرحية “حلم رجل مضحك” في مهرجان مونودراما الشباب الثالث.
كما أن عمله المسرحي الملفت الآخر هو مونودراما “خلاف” التي ألفها وأخرجها وكانت أول عرض يقدم في المهرجان المسرحي الشبيبي الفرعي بدورته الثانية والثلاثين، ليعبّر وبرسالة إنسانية عن عالم المصابين بمتلازمة “داون”، ويعرفنا إلى بساطتهم وعفويتهم وكيفية تفكيرهم بالحياة وهم يبحثون عن وجودهم بطريقتهم في هذا المجتمع بين البيت والمدرسة والمسرح والحب والزواج ، مقترباً من عالمهم الخفي الصعب والسهل في آن معاً.
لقد قدم الفنان الراحل خربوطلي أعمالاً كثيرة، منها مسرحية “المعطف” للروسي نيقولاي غوغول إعداداً وكتابة، ومسرحية “كوميديا سوداء” لمؤلفها بيتر شاف وأخرجهما حكمت نادر عقاد، الذي قال عن الأخيرة: تأتي ضمن كوميديا الموقف أو الفارس، كونها تعتمد على الجسد والموقف دون تهريج.
عقاد يكشف عن عملين سيعرضان لأول مرة
أمّا عن الفنان الراحل، فخص حكمت نادر عقاد “البعث” قائلاً بحزن شديد وشجن: حسام الدين خربوطلي صديق غال وفنان ومجتهد، هو معلم صف، خريج معهد إعداد المدرسين بحلب، وبداياته كانت ممثلاً مسرحياً شبيبياً، اتبع دورة إخراج مسرحي مركزي في دمشق برعاية وزارة التربية والشبيبة، وتفوق في الدورة بحكم إبداعه، وهذا ما أكده الفنان المخرج تامر العربيد عميد المعهد العالي للفنون المسرحية، والفنان يوسف المقبل، ود.عجاج سليم المعيد السابق للمعهد العالي للفنون المسرحية.
واسترسل: انطلق صديقي خربوطلي من نص مسرحي لفرحان بلبل في عرض مونودراما حلب الأول، والذي شارك في مهرجان البصرة بالعراق باسم مسرح حلب القومي، وكان من تمثيل الشاب محمد السقا.
وأضاف: حسام شخص مهذب، خلوق، محب، مؤمن، وصبور، ولا يتوانى عن مساعدة أي أحد، وكان يساعد الجيل الشاب بمحبة، ولقد ترك أثراً وبصمة في الفن المسرحي رغم أنه من مواليد 1981، وهو يعاني من مرض السرطان منذ 9 سنوات، وكان متفوقاً عليه، وأقوى منه إلاّ في الشهرين الأخيرين.
وتابع عقاد بحسرة دامعة: لنا تجارب كثيرة مشتركة، وأعتبره فناناً شاملاً، وعملنا على مشروع نصوص عالمية، منها “منحنى خطر” للإنكليزي جي بي بريستلي، وحالياً بين يدي مشروعين مشتركين مع خربوطلي هما “منظر طبيعي”، و”الحارس”، من تأليف هارولد بنتر من مسرح العبث، وإعداد حسام الدين خربوطلي، وإن شاء الله سأعرضهما لاحقاً.
إنسان نقي وفنان معطاء
وعن شخص الراحل خربوطلي وتجربته، قال الفنان المسرحي الممثل والمخرج أسامة عكام: أعرفه منذ 2009 شخصياً، وهو وعلى كل الصعد الفنية والأخلاقية والإنسانية فنان نقي، ولديه تجارب هامة، ناتجة عن عدة أسباب، منها ثقافته واطلاعه الواسع وقراءاته العميقة لعمله وما يقدمه كشخص متمتع بإحساس عالٍ ومسؤولية عالية، مجتهد جداً وطموح جداً، وهو مثال لنا، لأنه يعلم بإصابته بمرضه العضال، ويتعالج، ورغم ذلك ظل مستمراً وبنشاط واجتهاد، وكان يمنح الأمل ليس فقط لفريقه الذي يعمل معه، بل لنا نحن الذين نتعلم منه الأمل، وظلت روجه عالية رغم كل ظروفه، وانعكس نقاءه وصفاءه وسلامه الداخلي على عمله وحياته، إنه طاقة معطاءة.
عين فنية ثاقبة
بينما أكد محمد حجازي مدير المسرح القومي بحلب على إبداع خربوطلي: عرفته شاباً خلوقاً يتميز بإبداع وجنون فني رفيع المستوى، ويمتلك رؤى إخراجية عميقة، وشفافية رقيقة عرفها كل من عمل معه، ولقد تسنى لي العمل معه في الفترة السابقة ضمن المسرح القومي، مضيفاً: كنا بصدد إنتاج عمل مهم للمسرح القومي من إخراجه، لكن ظروف الصحية دفعته للاعتذار، وبوفاته خسرت حلب فناناً راقياً وعيناً ثاقبة، كل الرحمة لروحه والصبر والسلوان لأهله ولنا جميعاً.