أكاذيب السياسيين ووسائل الإعلام الأمريكية
عناية ناصر
يستخدم بعض السياسيين ووسائل الإعلام الأمريكية كلّ الأكاذيب والخدع الممكنة لإلقاء اللوم على الصين في الصراع بين أوكرانيا وروسيا، حيث قاموا بنشر معلومات مضللة مفادها أن الصين لم تفعل ما يكفي لمنع حدوث الأزمة الأوكرانية، زاعمين أن الصين لديها معرفة مسبقة بـ”العملية العسكرية الخاصة” الروسية. وحقيقة الأمر أنه بعد إشعال أزمة أوكرانيا وإغراق العالم في الفوضى، تحاول الولايات المتحدة إلقاء اللوم على الآخرين بدلاً من تحمّل مسؤولياتها والعمل مع باقي العالم على إنهاء الأزمة.
لقد أثرت العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا بقيادة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي، حيث أصبحت أسواق النفط والغاز العالمية أكثر تقلباً، وارتفعت أسعار النفط ما يزيد على 100 دولار للبرميل. كما تجاوزت العقود الآجلة لخام غرب تكساس وهو الخام القياسي للنفط الأمريكي 130 دولاراً، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، كما وصل خام برنت، وهو المعيار الدولي، إلى ما يقرب من 140 دولاراً بعد وقت قصير من بدء الأزمة.
من ناحية أخرى، فإن تداعيات الحرب في أوكرانيا قد تقلّص النمو الاقتصادي العالمي “بأكثر من نقطة مئوية” في العام الأول من الحرب، وفي حال استمرار التأثير سيرفع التضخم أسعار المستهلك العالمية بنحو 2.5 نقطة مئوية، بحسب منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة كانت تنشر الأكاذيب وتجبر المزيد من الدول على ممارسة الضغط على الصين للوقوف إلى جانب الغرب ضد روسيا، من أجل الاستفادة من الأزمة، ودق إسفين بين الصين والاتحاد الأوروبي، من خلال نشر معلومات مضللة تفيد بأن الصين كانت على معرفة مسبقة بالتحرك العسكري الروسي.
باختصار، تريد الولايات المتحدة عزل روسيا وتشويه صورة الصين في العالم للحفاظ على هيمنتها في منطقة أوراسيا، لذلك قامت بإشعال الصراع من خلال استمرار توسّع الناتو باتجاه الشرق ونشر القوات الأمريكية في أوروبا حتى بعد اعتراضات روسيا الشديدة كونه يشكّل تهديداً لأمنها القومي. ومع ذلك، عندما بدأت روسيا “العملية العسكرية الخاصة” في أوكرانيا، زعم الرئيس الأمريكي جو بايدن أن “القوات الأمريكية لن تتدخل في الصراع مع روسيا في أوكرانيا، وأن قواته لن تذهب إلى أوروبا من أجل القتال في أوكرانيا بل من أجل الدفاع عن حلفائه في الناتو وطمأنة الحلفاء في الشرق”. وفي وقت لاحق، قال الناتو إنه لن يواجه القوات الروسية جواً أو حتى براً في أوكرانيا لتجنّب خطر اندلاع حرب أوسع. وبدلاً من ذلك، أصدرت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات مدمرة ضد روسيا، وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها سترسل أسلحة ومعدات عسكرية بقيمة 350 مليون دولار إلى أوكرانيا، كما جمّدت الولايات المتحدة أصول البنك المركزي الروسي.
وفي سياق متصل، قال بايدن إن الولايات المتحدة واقتصادات مجموعة السبع الأخرى، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، تهدف إلى إلغاء روسيا من وضع “الدولة الأكثر تفضيلاً”، والذي يمنحها مزايا في التبادلات التجارية، وهذا الوضع يعرف باسم (حالة العلاقات التجارية العادية الدائمة مع روسيا). وتريد واشنطن أيضاً إخراج روسيا من مجموعة العشرين. فبدلاً من محاولة حلّ الأزمة الأوكرانية من خلال المحادثات السلمية، عملت الولايات المتحدة على صبّ الزيت على النار من خلال فرض عقوبات على روسيا واتهام الصين بلا أساس بارتكاب أخطاء.
في المقابل، تعتقد الصين أن الاقتصاد الرئيسي يجب أن يخدم المجتمع الدولي، ومحاولة تحقيق نتائج مفيدة للجميع والمساهمة في السلام العالمي، بدلاً من محاولة استغلال والاستفادة من مشكلات الدول الأخرى. وبغضّ النظر عما تزعمه الولايات المتحدة، فقد حثّت الصين دائماً جميع الأطراف على التزام الهدوء والتفكير بعقلانية، والتخلي عن عقلية الحرب الباردة، واتخاذ قرارات على أساس أهمية القضية، وتسوية خلافاتهم سلمياً، لأنها تؤمن بأنه يجب على كل الدول الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، كما يجب أن يكون الأشخاص الذين لديهم إحساس بالعدالة قادرين على تقرير أي بلد هو على حق وأي منها على خطأ.