عقدة التمترس..!؟
علي بلال قاسم
لم تندرج في ثقافة العمل المؤسساتي “خاصتنا”، أن يقبل الطامح أو الساعي لموقع بغير التدرج صعوداً في المناصب دون توقف أو نزول بفكرة الاعتذار والاستقالة، لزعمه أن الكرسي هي عبارة عن جملة مكاسب وميزات وليست مسؤولية كما يفترض بها أن تكون.
عنوان عريض لتوجه البعض يفتح الأبواب مشرعة لمزيد من الأسئلة وعلامات الاستفهام نحو عقدة الإدارة والمنصب، والتي تسير في خط واحد فحواه عدم القبول بمسؤولية تقل عن المنصب السابق، لأن ذلك إن حصل يعد إساءة وانتقاصاً من وجهة نظر محترفي الترفيع الدائم ومنتظري موجات الترقيات التي لا تنتهي، ليتحول الشخص إلى “سوبر مان” يقفز من اختصاص إلى آخر، ومن وزارة ومؤسسة إلى غيرهما، ولا مانع من الدخول في المناصب الأعلى التي تتوافق مع أحلامه، وربما لا تتناسب وإمكانياته، ولكن المهم البقاء في سدة القيادة الإدارية لاعتبارات اجتماعية ووجاهية والأهم المنفعة المادية والاقتصادية والمردود المفتوح على كل الجبهات.
وفي هذا السياق، نكتشف أن طروحات تقول بالنزول عن كرسي الإدارة ليست في حسابات طبقة المتمترسين في القطاعات والسلطات التنفيذية، وبالتالي لم نتعود أن نسمع مسؤولاً ما قد قدم استقالته عن سبق قناعة، لأن الإقدام على خطوة كهذه لا يفهم أو يفسر عند الجميع إلا بأنه اقتراب من الخطيئة التي لا تغتفر عند الجهات الوصائية، والتي يسود عند الكثيرين بأنها تحبذ “الإقالة”، ولا تنظر للاستقالة وبطولاتها بعين الرضى، حتى ولو في ذلك مقتل للمستقبل الوظيفي، وهذا ما شكل رصيداً كبيراً من الموضوعين تحت التصرف ومعهم الكفاءات والخبرات المنسية لسبب ما أم عدمه، المهم أننا أمام أناس بالعرف الرسمي والعام “مغضوب عليهم” عند القيادات.
نتفق بأن الاعتذار أو تقديم الاستقالة من الإدارة ليس جناية ولا تصرفا أرعن لمسؤول يعرف تماماً في الإدارة والتخصص وإن لم يقتنع لأسباب ذاتية أو خارجة عن إرادته، أو فضل احترام نفسه لأن المنصب “فضفاض عليه”، فلا مانع من الانسحاب كبادرة ذاتية طيبة يستحق خلالها الاحترام والتبجيل والتقدير على هذه الفعلة.
أما بعض المدراء المتشبثون بكراسيهم منذ عشرات السنين، ولم يحققوا أي نجاح أو مكسب لجهاتهم، فهذا ما لا يقبل التطبيق لديهم، وإن حصل ولوح أحدهم بذلك تأتيه النصائح والهمسات من كل حدب وصوب: إياك أن تفعلها.. هل جننت لتحرق صفحتك وتاريخك ومستقبلك..؟! علماً أن العظماء والأبطال هم من يعتزلون في قمة النجاح والتفوق.. لا أن يفشل وهو متمسك بلعنة الكرسي وفوبيا المنصب !؟