عصارة إبداع 68 تشكيلياً في تظاهرة “سورية بتجمعنا”
تجارب فنية متنوعة يمثلها نحو ثمانية وستين فناناً وفنانة من محافظات سورية متعدّدة ينتمون إلى أجيال فنية متباينة، تجمعهم تظاهرة “سورية بتجمعنا” الفنية التي ينظمها مشروع مدى الثقافي منذ سنوات عدة، حيث انطلقت المرحلة الثالثة من هذا المعرض الشامل في جامعة الوادي الدولية الشهر الماضي، لتنتقل بعدها إلى مدينة حمص التي شهدت قاعة المعارض في المركز الثقافي العربي يوم السبت افتتاح المعرض في رحلته الثانية والتي تتواصل لتشمل محافظات ومناطق سورية عديدة.
وكان مشروع مدى بدأ بتنظيم هذه التظاهرة من دمشق عام ٢٠١٧، ليتبعها بنسخة ثانية من تظاهرة “سورية بتجمعنا” من حمص عام 2019، لتبدأ التجربة الثالثة السبت بتكريم الفنان التشكيلي عبد القادر عزوز صاحب التجربة الفنية الطويلة الذي تخرّج من كلية الفنون الجميلة عام ١٩٧٥، وعرفت سيرته الفنية مشاركات ومعارض فردية وجماعية مهمة داخل الوطن وخارجه.
ضمّ المعرض أكثر من سبعين لوحة ومنحوتة تجسّد عصارة تجارب وإبداع أجيال مختلفة تنتمي إلى مدارس فنية، وأساليب إبداعية تحيلنا إلى مساحات مشغولة بشغف جمالي فكري متقد، حيث تحضر الأبجدية ضمن محاكاة تاريخية تعكس مضامين تراثية وحضارية غنية بالمفردات الإنسانية والجمالية الخلاقة، والتي تشير إليها المكتشفات الأثرية والبيوت العربية القديمة المشغولة بمهارة هندسية وفنية تمنح المنطقة وثيقة حضارية دامغة.
الانطباعية في هذا المعرض تغازل الواقعية، والتعبيرية تنافس التجريد في الخلق والإبداع، ليجد المشاهد نفسه ضمن روضة غنّاء وسط هذا التصحر الحياتي الجاف، فما تقوله الريشة والأدوات الفنية الأخرى تلميحاً وتصريحاً محاولة لرسم صورة للواقع والإنسان بتجلياته المتعدّدة أقل وطأة من الواقع، ولذلك نراه في اللوحة يستكين لروتين الحياة والطبيعة أكثر منه متمرداً، ولاسيما المرأة التي تحضر بقوة في موضوعات العديد من اللوحات في قراءات متنوعة لتجلياتها المختلفة، قراءات كلاسيكية في بعضها ومتمردة ومجدّدة في بعضها الآخر، لكن هموم المرأة ودورها في المجتمع تبقى مسيطرةً على اهتمام الفنانين التشكيليين بدرجة توازي انشغالهم بجماليات الطبيعة وسحرها الأخاذ.
يستمر المعرض لغاية ٢٨ نيسان الجاري ليواصل بعدها جولته في باقي المحطات حاملاً معه دلالاته الحضارية والإبداعية.
آصف إبراهيم