الحاجة إلى مقاربات جديدة
لعل ما يتردد على لسان المسؤولين والمعنيين مراراً وتكراراً عقب كل اجتماع حول استمرار العمل في تنفيذ مجموعة من المشاريع الخدمية والاقتصادية، ووضع الدراسات والخطط والرؤى والموافقة والمصادقة على تنفيذ حزم جديدة من المشاريع الحيوية والتنموية، لا يعكس حقيقة الواقع في مختلف جبهات العمل التي تدل مؤشراتها على وجود تراجع ملحوظ في نسب الإنجاز لأسباب عدة، منها ضعف الإمكانات والتمويل، وغياب التنسيق، وتداخل الصلاحيات، وكثرة الإشكالات الإدارية والقانونية العالقة.. كل ذلك، بما فيه الجهود الضائعة، شتت وحرف الخطط والبرامج عن مسارها الطبيعي، وأخّر حالة النهوض الاقتصادي، وأبطأ عجلة دوران الإنتاج الذي يعتبر الحجر الأساس في عملية النهوض، وضرورة أكثر من ملحة لمواجهة التحديات، ولكسر ألواح الجليد التي تغلف العمل الخططي والتنفيذي، وبالتالي الانتقال إلى واقع أفضل بعيداً عن التسطيح والارتجال والانفراد بالقرار.
ولا شك أن حلب، مدينة وريفاً، مع دخول الثلث الثاني من العام الحالي، ومع تبخّر معظم الوعود السابقة، تواجه تحديات كبيرة لا يمكن تجاهل مخاطرها إن لم تكتمل جهود المديريات والمؤسسات المعنية والمختصة لاستكمال إنجاز خريطة العمل وفق المعايير الموضوعة والمدد الزمنية المحددة التي لم تحدث حتى اللحظة أي فارق ملحوظ وملموس على مستوى البناء الاستراتيجي والحيوي.
وبصرف النظر عن المبررات والأسباب المباشرة وغير المباشرة، ولكي نضمن ألا تذهب بعض الجهود المخلصة سدى وهباء، ينبغي تصحيح انحراف بوصلة العمل باتجاهات جديدة تتواءم مع حاجات ومتطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية، ورفع منسوب التعاون والتنسيق ومستوى التشاركية، والاضطلاع بالمهام المنوطة بالمؤسسات والمديريات على أكمل وجه، والاستفادة القصوى من الإمكانات المتاحة، وتوظيفها في خدمة الصالح العام والنهوض الاقتصادي وليس العكس، ونعتقد أن الفرصة متاحة أمام الجميع أكثر من أي وقت مضى لتعزيز الدور التنموي والاقتصادي المنتظر من حلب على وجه التحديد راهناً ومستقبلاً فيما لو صدقت النوايا، وتطابقت الرؤى والخطط مع ميادين العمل، خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الكبرى المأمول منها أن تحدث التغيير المطلوب.
ولعل الأهم في هذه المرحلة الدقيقة التي تتسم بالانكماش والجمود أن يسارع الفريق الاقتصادي إلى إجراء مقاربات جديدة أكثر توازناً وانسجاماً بين دورة الإنتاج من جهة، وحركة العرض والطلب والضرورة الملحة لرفع مستوى الدخل من جهة أخرى، وهذا يتطلب إعادة النظر في الكثير من الأمور، ولعل الأهم والأجدر أن تقوم الحكومة والوزارات ذات الصلة بإعادة النظر كلياً في مردود الشركات والمؤسسات الخدمية والإنشائية، وإجراء تقييم شفاف لمجمل الملفات العالقة والمؤجلة، وتبيان الخيط الأبيض من الأسود، والأمل أن تكون البداية من حلب بالنظر إلى حجم ما تعانيه من ترهل وقصور وخلل في العمل المؤسساتي، والذي أدى بالنتيجة إلى تراجع ملحوظ ومنطقي في نسب الإنجاز والنمو .
معن الغادري