اقتصادصحيفة البعث

و”سيف الوقت”.. أصدق!

قسيم دحدل 

لم تعد الملاحظة كافية للدلالة على وجود اختلالات كبيرة في إدارتنا الاقتصادية والاستثمارية، وهي اختلالات تصل حدّ الأخطاء الكبرى نتيجة لما يترتب عليها من هدر واستنزاف مالي غريب، بل تجاوزنا مرحلة الملاحظة إلى حدّ الملموس الواقعي، وكأننا لم نعلم أبداً بالمثل القائل: “الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”!.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، لعلّ في خبر موافقة مجلس الوزراء على طلب وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك: “السماح بمقايضة مادة النخالة مقابل تنفيذ مشروع إعادة تأهيل صومعة تل بلاط في محافظة حلب، وإبرام عقد بالتراضي مع الشركة المتعهدة”، دليلاً ساطعاً على ما فعله ويفعله سيف الوقت! وإليكم ما يؤكد رأينا..

من نحو 1.2 مليار ليرة عام 2018، إلى 10 مليارات ليرة حتى الشهر الـ 11 من العام 2021، أي 8.8 مليارات ليرة (خلال حوالي 4 أعوام) هو الفارق الرقمي المالي، لما كان تأهيل الصومعة يحتاجه من تكلفة عام 2018 حين تمّ الإعلان عن إعادة تأهيلها لأول مرة بعد تحرير حلب من براثن الإرهاب عام 2016!!

أكثر من مرة تمّ الإعلان عن تأهيل الصومعة المذكورة، وعن أعمال تمّ إنجازها، حيث كان يفترض الانتهاء من الأعمال، لتكون جاهزة لتخزين 100 ألف طن من القمح، وهي السعة التخزينية للصومعة، التي ربما تحتاج لسنة وربما أكثر لتكون مؤهلة لاستقبال الأقماح!.

ولو رجعنا إلى ما صرّح به مدير عام مؤسسة الحبوب، عبد اللطيف الأمين، خلال جلسة الحكومة بتاريخ 24 – 11 – 2021، لأدركنا فداحة الخلل والخسارة نتيجة التأخير في إنجاز ما كان يجب في عام 2018، إذ بيَّن “أن توجيه الحكومة بإعادة تأهيل صومعة تل بلاط في حلب يعتبر مهماً وضرورياً، خاصة وأن حلب لا يوجد فيها أي صومعة، وجمعيها تمّ تدميرها، الأمر الذي يوفر الكثير من المبالغ المالية لأنها تخزّن القمح “دوغما”، والأمر الأهم أن هذه الصومعة تحافظ على القمح الذي كان يخزّن بالعراء من العوامل الجوية، كما تسهل شراء القمح من الفلاح”.

أما الملفت فهو توضيحه بأنه “تمّ إعداد الدراسة اللازمة لذلك، وهم بصدد دراسة استدراج العروض المقدمة لأخذ العرض الأفضل من الناحية الفنية والمالية”. والسؤال الذي يطرح في ضوء ما صرّح به هو: أين تلك العروض التي استدرجت؟ وكيف تحولت “لعقد بالتراضي”، ووفق مبدأ المقايضة (المقايضة بالنخالة)؟!!

استناداً إلى ما تسمح لنا هذه الزاوية بطرحه وما لم نطرحه، لا غريب أن يُحمِّل رئيس مجلس الوزراء وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، مسؤولية العقد ومرفقاته وتوابعه، وكل ما يتعلق ويتصل بمضمونه وشكله وتكاليفه، ويشترط عدم تأثير “المقايضة” على توافر وأسعار مادة العلف في الأسواق المحلية!!.

Qassim1965@gmail.com