Uncategorizedثقافةصحيفة البعث

ندوة حول “كان يا ما كان.. شباك”: الباب الواسع للفنون المعاصرة

أقامت بثينة علي ندوة حوارية حول المعرض الذي أقيم في صالة قزح بدمشق القديمة بمشاركة 15 فناناً شاباً. قدّم الندوة كلّ من الفنانين مصطفى علي وموفق مخول وبمشاركة بعض الحضور بمداخلات غنية، مثل الناقد طلال معلا والفنان عبد الله مراد والمسرحي هشام كفارنة، كما تحدث الفنانون الشباب عن مشاركاتهم، إلا أن الملفت للانتباه هو توقهم إلى التعبير والبحث من خلال الفن وصولاً لتقديم صورة عن آمالهم وأحلامهم بلغة مبدعة، دفاعاً عن الحياة، هؤلاء الفنانون يسجلون بمشاعر باذخة ما تستحق منهم هذه البلاد من إبداع وصدق في التعبير والانتماء، وقد نوجز ببعض ما تمّ تقديمه من شرح لأعمالهم مثل الفنانة زينة تعتوع التي علقت العشرات من الحمام الأبيض حاملاً رسائل يوصلها إلى من يستلم، وقد استعارت الشابة من قصة سيدنا نوح في قصة الطوفان الذي أرسل بعضاً من الطيور بحثاً عن اليابسة ولم يعد أحد منها، إلا أن الحمامة الضعيفة عادت وعلى أرجلها الطين في إشارة لليابسة والفرج. تقول الشابة إن الحمام يعود إلى مسكنه، وبالتالي هو مواطن من نوع جميل، ينتمي ويحمل البشارة والأمل، واليوم عملت على تأثيث هذا المكان ووضعت صندوق البريد معلقاً على الجدار ليتمكن أي أحد من المارة من وضع الرسالة التي يحب في هذا الصندوق، ومن ثم ستحمل الحماةمات هذه الرسائل وتصعد إلى السماء حيث موطن الأمل والسلام، وتذكر الفنانة التي تخرجت من كلية الفنون الجميلة في سنوات الحرب الأولى وتوجهت للعمل متطوعة في جمعيات تُعنى بالأطفال والفتيات في جانب التدخل النفسي عن طريق الفن وإقامة الأنشطة الخاصة بالأحداث والجانحات لمدة تجاوزت السنوات، مما أثر على جوانية هذه الفنانة التي بدأت التفكير والغوص في الأحزان التي تصيب الإنسان جراء الحرب وتبعاتها.. وكان هذا المشروع الجماعي الذي استطاعت فيه أن تقدم فكرة رسائلها إلى السماء كمخرج ونجاة لهؤلاء الذين عاشوا هذه المحنة.

في زاوية أخرى عرض مهند السريع الفنان الشاب فيديو تظهر فيه مجموعة من طيور الحمام “كشة” تحلق فوق المدينة التي استعار صوراً لها من السماء، أخذت قبل الحرب وبعدها، متخيلاً أن يكون الرائي واحداً من هذه الطيور التي تحلق فوق دمشق وريفها ليرى ماذا حصل لهذه الحياة وعمرانها.

هذا الفن الجديد الذي يُسمّى “فن التجهيز” أو فن الشارع أو المكان، ويعرف بفن المفهوم والفن التركيبي، وقد سبق في سنوات قبل الحرب أن شهدت عدداً من المعارض والمحاولات الفنية لبعض الفنانين السوريين مثل معرض تحية لسعد الله ونوس لأحمد معلا وغيره من الفنانين، إلا أن موضوع التلقي والترويج يبقى إشكالياً، خاصة وأن مثل هذه الفنون لم يعتد عليها المتفرج، كما أنها لا تدخل في دائرة الاقتناء وتتطلّب أحياناً تكاليف عالية لا يستطيع أي فنان تحمل هذه العبء، فضلاً عن غياب المكان المناسب، حتى وإن وجد يحتاج للعديد من الإجراءات المربكة، إلا أن هذا النوع من العروض يطرق باب الابتكار بقوة، خاصة وأنها تحاور أوسع شريحة من الناس وتجعلهم جزءاً منها في بعض الأحيان.

أكسم طلاع