تفعيل دور القطاع العام والاهتمام بالزراعات التعاقدية.. حلول اقتصادية تضع الحكومة على محك المعالجة
دمشق- فاتن شنان
الحكومة اليوم على محك اتخاذ قرارات كفيلة بإحداث حدّ أدنى من التوازن بين الأسعار والمتطلبات المعيشية والصحية، لناحية توفر المنتجات والسلع، وخاصة الغذائية والدوائية بأقصر وقت وأيسر طرق، والابتعاد عن التجريب باجترار قرارات بعضها أثبت فشله، والبعض الآخر أثار الجدل حول جدواه ولا يزال موضع رهان بين مؤيديه ومعارضيه.
في هذا الشأن، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد في تصريح لـ”البعث”: لاشك أن على الحكومة إبداء استجابة سريعة ومرونة عالية، نتيجة لما فرضته الأزمة الأوكرانية من ارتفاع أسعار السلع بسبب انخفاض المعروض السلعي عالمياً من الحبوب وسائر المواد الغذائية، وما قد تحمله الأيام من ضغوطات على نمو الاقتصاد العالمي ولاسيما مع تذبذب أسعار النفط، وبالتالي، فإن قيام الحكومة مثلاً بإلغاء الرسوم الجمركية لمدة شهرين على الأقل لبعض الأصناف، سواء الغذائية أو الطبية أو السلعية الضرورية كالسكر والقمح والرز والأعلاف والأدوية، فذلك يعني بلا شك زيادة في قدرة المستورد على تخفيض تكاليفه إلى حدّ ما، الأمر الذي سينعكس حكماً على انخفاض مستويات الأسعار لهذه الأصناف.
وأكد محمد أن ذلك يجب أن يتمّ بشرط أن يكون الاستيراد وفق إجازات استيراد تراعي حجم الطلب الفعلي لستة أشهر قادمة دون زيادة في الحجم أو تخفيضه، بالتوازي مع فتح باب الاستيراد لهذه المواد لعدد غير محدود من المستوردين، بما يقضي على أية محاولة للاحتكار، إضافة لمراعاة التسلسل الزمني المريح للمستورد لاستكمال كافة مستنداته التي تطالبه فيها قرارات تمويل المستوردات.
اقتصادية جزئية
الدكتور عابد فضلية رأى أن كافة الحكومات تبدي تساهلاً لاستجرار ما ينقصها من المواد الأساسية، مبيناً أن ترشيد الاستيراد ضرورة في المرحلة الحالية، ولكن ما يتمّ على أرض الواقع يعتبر تقزيماً وليس ترشيداً، حيث تتوافر في القائمة عشرات السلع غير الضرورية بينما يطال المنع الكثير من المواد التي تؤثر على العمل الاقتصادي والتصنيعي الذي من شأنه تقليص فجوة التناقضات الناجمة عن الأزمة. وأكد فضلية ضرورة السماح باستيراد مستلزمات الإنتاج الكاملة أو الجزئية وخاصة الزراعية منها، فاستمرار الإنتاج يعني استمرار فرص العمل وارتفاع الدخول، ما يؤدي لتحريض الطلب الفعال وبالتالي المزيد من الإنتاج.
حلول مجدية
فضلية اعتبر أن أفضل الحلول تكون باستثمار الموارد المتاحة لمواجهة الأزمات الاقتصادية بوجود إدارة رشيدة تؤمن بالعمل الجاد ومكافحة الفساد في كافة مجالاته، والعمل على دوران عجلة الإنتاج للمستلزمات الأساسية للسوق المحلية ودعم صناعة بدائل المستوردات، كما ركز على ضرورة تحديد طريقة لتمويل المصارف لتلك الصناعات وتغير التعليمات المتعلقة بالإقراض باتجاه التسهيلات الممكنة، واعتبر أن قيام القطاع العام بدوره في الأزمة ودخوله في النشاط الاقتصادي هو الركن الأساسي لتشجيع المستثمرين وتحريضهم على العمل، فالقطاع العام يساوي ثلث الناتج الإجمالي المحلي، وبالتالي لابد من تفعيل نشاطه سواء بمفرده أو عبر التشاركية مع القطاع الخاص.
مطرح الدعم
لم يختلف رأي خبراء الاقتصاد حول أهمية دعم القطاع الزراعي، على الرغم من تباين الآراء حول الأولويات، إذ بيّن فضلية أن الخطوة المفصلية تكمن في إعادة النظر في مطرح الدعم، فالحكومة تدعم القطاع بكافة مراحل عمله ولكن حلقات الفساد تقضي على نسبة كبيرة منه، فلا يصل إلى الفلاحين سوى جزء ضئيل منه، بينما يمكنها دعم المنتج النهائي، كشراء القمح على سبيل المثال واستيراد مستلزمات الإنتاج كاملة لإتمام العملية الزراعية والوصول إلى إنتاج وفير، بينما أكد علي ضرورة توجيه نسبة مهمّة من قروض المصارف لها، بالتوازي مع الاهتمام بالزراعات التعاقدية لكافة الأصناف الزراعية، من خلال تمويل البذور والخيطان والنايلون والسماد وكل مستلزمات العملية الزراعية للفلاح، على أن يتمّ شراء هذه المحاصيل منه وطرحها في صالات السورية للتجارة على سبيل المثال.