الاتحاد الأوروبي والفيروس الإيديولوجي
عائدة أسعد
بقيت العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي جيدة بشكل عام على الرغم من التقلبات السياسية في الساحة الدولية، وقد جلبت المشاركة الاقتصادية الوثيقة فوائد حقيقية لكلا الجانبين ما عزز ما كان شراكة استراتيجية شاملة. وحتى في أكثر اللحظات تحدّياً خلال الاضطرابات الأخيرة في العلاقات الصينية الأمريكية، كان هناك تفاهم عام في بكين على أن الاتحاد الأوروبي سيكون شريكاً معقولاً وموثوقاً به، وكان هناك الكثير من الحديث من كلا الجانبين حول الآفاق المشرقة في المستقبل.
ولكن كل هذا يبدو ضعيفاً في مواجهة التغيرات الجيوسياسية المتصاعدة منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، حيث اتضح أن الاتحاد الأوروبي بعيد كل البعد عن الحصانة من الفيروس الإيديولوجي الذي يتسبب في الخراب في العلاقات الدولية.
لقد كان الاجتماع الثالث للحوار بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن الصين والذي عقد في 21 و 22 نيسان الجاري بين نائبة وزيرة الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان، والأمين العام لخدمة العمل الخارجي الأوروبي ستيفانو سانينو بمثابة صفعة أخرى لبكين، والثقة في تفاعلها مع الاتحاد الأوروبي.
فقد حذر الجانبان في البيان الذي صدر عقب الاجتماع الصين من عواقب أي شكل من أشكال الدعم لروسيا، واتهما بكين بتضخيم التضليل الروسي. كما قدم الطرفان مجموعة من المزاعم التي عادة ما تحاول واشنطن من خلالها تلطيخ سمعة الصين والافتراء عليها، ومنها: الإكراه الاقتصادي ضد الدول الأخرى، ومخاوف حقوق الإنسان، والنظام القائم على القواعد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إضافة إلى تهديد الوضع الراهن في مضيق تايوان.
وأدان تشاو لي جيان المتحدث باسم البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي هذه المزاعم باعتبارها هجمات لا أساس لها على الصين، وشجب التصريحات ووصفها بأنها ليست سوى أمثلة صارخة لسياسات الكتلة والتنمر الأيديولوجي، والصين ليست هي التي تقوض النظام الدولي. وإن تفجير واشنطن للصراع في أوكرانيا يكشف عن الدولة التي تسعى إلى تفجير النظام والبدء من جديد، وننصح الولايات المتحدة بأن تنظر في المرآة وأن تدير شؤونها الخاصة بشكل صحيح قبل أن تشير بأصابع الاتهام واللوم على الآخرين”.
وفي مقال نُشر مؤخراً، قدم عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية وانغ يي شرحاً تفصيلياً لمبادرة الأمن العالمي التي اقترحتها الصين في المؤتمر السنوي لمنتدى “بواو” لآسيا هذا العام في محاولة لزيادة توضيح موقف الصين ، ودعوة جميع الدول إلى التصرف بمسؤولية وحل الخلافات والنزاعات من خلال الحوار ودعم مفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام.