اقتصادصحيفة البعث

إما إعمار حقيقي أو آخر أجوف..؟!

يمكن الجزم بأننا وصلنا مرحلةً بات فيها إدراج الأزمة وتداعياتها ضمن سياق المعوقات المعترضة لأي مشروع، أو اتخاذها شماعة تعلق عليها بعض الجهات العامة إخفاقاتها، أشبه ما يكون بأسطوانة مشروخة مللنا سماعها!.
لم يُعد يخفى على القاصي والداني أن مردّ تقصير هذه الجهة، وفساد تلك الجهة، وتراخي الأخرى، هو ذاتي بالدرجة الأولى، لا بل وحتى في أحلك ظروف الأزمة لم يكن ما يكتنف هذه الجهات من انتكاسات وارتكاسات وإخفاقات هو نتيجة الظرف الموضوعي -وإن كان له بعض التأثير أحياناً- وإنما نتيجة امتطاء هذا الظرف وتطويعه لغايات شخصية!.
الآن ومع تبدّد سواد الأزمة، يفترض بكل من اتخذها ذريعة تحول دون تحقيق الطموح –وإن كان على صواب فعلاً- أن يثبت العكس، فالمؤسسات الإنتاجية الصناعية العامة خاصة الرابحة منها بالأساس، أضحت على محك مضاعفة إنتاجها وتحسين مستوى تسويقها لمنتجاتها، ولم يعد أمام المؤسسات الخدمية برمتها أية عقبة أمنية تحول دون ارتقائها بما تقدمه من خدمات!.
وعلى اعتبار أن الحكومة أعلنت منذ فترة حملة لمكافحة الفساد، فيفترض وبالتوازي مع تحسّن المشهد العام، تفعيل المحاسبة بأعلى درجاتها حتى لو استدعى الأمر تعليق المشانق في الساحات العامة لكل من ثبت وسيثبت تورطه باستباحة المال العام.
إن الضرب بيد من حديد لا يبثّ الرعب في النفوس فقط، بل كفيل بوأد أية نيّة لتعمير الجيوب الخاصة من خزائن مؤسسات الدولة بطرق غير مشروعة، كما ويبتر هذا النوع من الضرب أية يد تصافح أخرى لتبارك صفقة مشبوهة أُبرمت من تحت الطاولة!.
إن الدول المتحضرة التي تتغنّى بتطبيق قوانينها ما كان لها أن تتحضر لولا الضرب بيد من حديد وبقوة القانون، فبعد أن كان تطبيق القانون ثقيل الظل فيها، أصبح مطلباً شعبياً، إثر تلمس آثاره على جميع مناحي الحياة برمتها!.
يبقى أن نشير إلى أن إعمار الاقتصاد الوطني مهدّد بخطر المحاصصة من قبل المتنفذين في حال عدم إعمار المحاسبة الحقيقية، وقد أضحينا في مرحلة لا تحتمل الكثير من الوقت لحسم هذه المسألة، فإما إعمار حقيقي، أو إعمار إعلامي أجوف، والأمر متوقف على تطبيق عادل للقانون ليس إلا..!.

حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com