دراساتصحيفة البعث

إضعاف روسيا هدف الولايات المتحدة

هناء شروف     

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال زيارته لموسكو وكييف هذا الأسبوع  إلى وقف إطلاق النار، وشدّد على بذل الجهود لتهيئة الظروف لحل سلمي للأزمة الروسية الأوكرانية.

جاءت الرسالة في وقت حرج، حيث الجهود المبذولة لحلّ الأزمة سلمياً ناقصة بشكل خطير، لأنه لسوء الحظ ما كان متوفراً هو تحركات لتصعيد التوترات وإطالة أمد الصراع، وذلك عبر زيادة إمدادات الأسلحة الحديثة إلى أوكرانيا من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو.

ما قاله وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن قبل أيام مقلق للغاية، وخاصةً تصريحه بأن هدف الولايات المتحدة هو “رؤية روسيا ضعيفة”، لأن ذلك يتناقض بشكل صارخ مع جهود غوتيريش والعديد من الدول لنزع فتيل الصراع وتسوية الخلافات سلمياً في أقرب وقت ممكن.

حتى الآن، لم تبذل القوى الغربية سوى القليل من الجهد للمساعدة في إنهاء الصراع، وبدلاً من ذلك أغرقت أوكرانيا بالأسلحة، وكان آخرها قرار الحكومة الألمانية بتزويد أوكرانيا بالدبابات المضادة للطائرات من طراز “جيبارد”، وهو تحول كبير عن الموقف الألماني السابق القاضي بعدم توفير أسلحة ثقيلة خوفاً من اندلاع صراع مباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي  أو حتى حرب عالمية ثالثة.

بعد فترة وجيزة من ملاحظة لويد أوستن، انتقد ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك والمسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، سياسة إدارة جو بايدن تجاه روسيا، وقال: “إنها لا تزال تعاني من الافتقار إلى الانضباط الخطابي. كانت الدعوة أولاً إلى تغيير النظام  والآن الهدف هو إضعاف روسيا”.

حذّر هاس من أن مثل هذه السياسة الأمريكية قد تدفع روسيا إلى تصعيد الصراع وتحويل التركيز بعيداً عن تصرفات روسيا في أوكرانيا نحو مواجهة بين روسيا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

يقول كيشور محبوباني، الباحث المقيم في سنغافورة والدبلوماسي السابق: إن تصور 88 في المائة من سكان العالم خارج ما يُسمّى بالغرب قد تغير في الشهرين الماضيين. إنهم ينظرون الآن إلى الصراع على أنه لعبة جيوسياسية حيث يحاول الغرب إضعاف روسيا بدلاً من حل أزمة أوكرانيا. لهذا السبب لم يعودوا يتماشون مع أجندة الغرب حيث لا تتوافق مصالحهم وأهدافهم”.

كانت أوكرانيا وشعبها على وجه الخصوص الضحية الأكبر للصراع الحالي بعد أن وقعت وسط التنافس الجيوسياسي بين روسيا وحلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة والذي استمر في التوسّع شرقاً على مدار العقود الثلاثة الماضية على الرغم من تعهد الولايات المتحدة بذلك. لذا يجب أن يكون هدف أوكرانيا هو التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة في أسرع وقت ممكن، وليس إضعاف روسيا من خلال أن تصبح وكيلاً للولايات المتحدة. كما يجب أن يكون هذا أيضاً هدف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لأنه على الرغم من الصراع الحالي ستظل روسيا جارة للاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، وكذلك أكبر دولة في العالم بمساحة تبلغ أربعة أضعاف مساحة الاتحاد الأوروبي. لذا فإن اتخاذ الإجراءات وتبني الاستراتيجيات التي يمكن أن تزيد من إفساد العلاقات مع روسيا ليس فقط لسنوات ولكن لعقود لا معنى لها ولن تخدم مصالح أحد. لقد حان الوقت لأن يظهر الاتحاد الأوروبي أنه تعلم الدروس الصحيحة من الحربين العالميتين الدمويتين وكلاهما بدأ في أوروبا.