مع وقف التنفيذ
أسئلة كثيرة تطرح نفسها عن السرّ الكامن وراء تراجع عائداتنا المرفئية، ولاسيما مرفأ طرطوس التجاري الأهم “ربما” على مستوى البلاد، وتحول معداته وروافعه إلى خردة مهترئة صدئة وساحاته التي كانت تضيق بالسلع والبضائع والمتروكات إلى مساحات قفراء لا حياة فيها بعد وضعه بالاستثمار الخاص مع إحدى الشركات الأجنبية الصديقة، والتلكؤ في توسيع وتعميق أحواضه وتحديث آلياته ومعداته وأتمتة برمجياته ليضاهي المرافئ المجاورة على الأقل، فخسرنا بوابتنا المرفئية بما كانت على وضعها و”علاتها” لكننا لم نربح المرفأ بتحديثاته ولا بشبكة الخطوط البحرية الموعودة، بل تسبّبنا بتحقيق فوات منفعة هائل للخزينة العامة وتثبيت غياب غير مسبوق وغير مبرّر أو مفهوم عن ساحة الحركة الملاحية الإقليمية، كما أضعنا فرصة أن نكون البديل الأفضل والأوحد لمرفأ بيروت الذي خرج من الخدمة قسراً كما هو معلوم.. والسؤال من المستفيد ولماذا ولمصلحة من..؟!.
والحال ذاته ينطبق على شركة اسمنت طرطوس التي دخلت لعبة الاستثمار الخاسرة مع إحدى شركات “الداخل” هذه المرة، بعد أن كانت شركة ناجحة ورابحة بكل المقاييس، ومعها مشروع معمل ورق أكياس الاسمنت الألماني الصنع والطراز المعطل لتاريخه الذي دفعت ثمنه الخزينة بالعملة الصعبة، لتتنازع الشركة اليوم الخلافات القانونية مع الشريك لفض الشراكة كما يشاع من جهة والرضوخ لفكرة إلغاء المعمل ونقله إلى الصحراء تحت ضغط اعتراضات الأهالي المتكررة التي لا تهدأ ولا تنقطع بعد تسبّبه بأذى بيئي وتهديد هائل لصحة أبناء القرى المجاورة واعتراض القرى الأخرى من افتتاح مقالع جديدة تهدّد جيولوجيتها وجغرافيتها وجماليتها، وتحويل المساحات الشاسعة التي تتبع له وسط أجمل الإطلالات البحرية الساحرة والطبيعة الجغرافية الخلابة القريبة من مركز مدينة طرطوس إلى ضاحية سياحية عملاقة متكاملة.
وليس بعيداً عن موقع شركة الاسمنت برزت على السطح مشكلة محطة معالجة مخلفات الصرف الصحي لمدينة طرطوس وضواحيها التي لم تقلع منذ توقيع عقد تنفيذها مع إحدى الشركات الأجنبية “الصديقة” قبل اندلاع الحرب رغم عشرات الوعود التي لم تفلح إلا لمزيد من ضياع الوقت ومضاعفة تكاليف التنفيذ وتفاقم التلوث البيئي.
ما سبق الحديث عنه والإشارة إليه لا يعدو كونه مروراً عابراً على معاناة مزمنة ومشكلات لا يُستهان بتبعاتها وتأثيراتها التي تعصف بمدينة كطرطوس قوامها ورئتها التي تتنفس منها وبها أولاً وثانياً وثالثاً الزراعة والسياحة والخدمات بكل أشكالها، لأننا لو نجحنا في النهوض بهذه المقومات الثلاث فسنحقق نهوضاً شاملاً وسريعاً يطال كل السوريين والمدن وستكون طرطوس بحق عاصمة سورية الاقتصادية القوية بلامنازع بجدارة أبنائها وقوة حضورهم والمقومات التي تحوزها وتتربع عليها ولكن مع وقف التنفيذ!!.
وائل علي
Alfenek1961@yahoo.com