بعد انقضاء الدوري الكروي الممتاز.. الحكام ظالمون أم مظلومون؟
ناصر النجار
كثرت الأحداث الساخنة في الدوري الكروي الممتاز، وجرت قصص عديدة لم نعتد على سماعها في ملاعبنا أو الغرف المغلقة في اتحاد كرة القدم، في كل الأحوال هي حوادث يمكن أن تجري في كل دوري وفي كل بلد، لكن المشكلة في كيفية اتخاذ القرار وصياغته وآليته، وهل هذا القرار عادل ومتناسب مع حجم المخالفة؟.
الحكام يجب أن يكونوا جزءاً من هذا المشهد، كيف لا وهم أحد أهم أركان كرة القدم، ودون الحكام لا يمكن للعبة أن تسير، وللنشاط أن يقام، حيث تم في الآونة الأخيرة تسليط الضوء على الحكام بشكل أكبر مما كان، ولا ندري ما الغاية من ذلك، لكن الذي نعلمه أن هناك من يريد من الحكام أن يلعبوا دور الكومبارس في المشهد الكروي، وأن يكونوا جاهزين لتحمّل المسؤولية عن أي خطأ مرتكب من أي شخص من كوادر اللعبة ولاعبيها.
الأحداث الأخيرة منحت الحكام والمتابعين شعوراً بأن التحكيم في كرتنا غير جيد، ولا يحظى بثقة القيادة الرياضية واللجنة المؤقتة لاتحاد كرة القدم، لذلك جاء قرار تعيين طاقم تحكيم أردني لقيادة مباراة الوثبة مع تشرين ليؤكد هذا الأمر، رغم ما له من أثر سلبي على الحكام والتحكيم.
وبغض النظر عن المستوى الفني للحكام، وما تم تقديمه في الدوري حتى الآن، إلا أن الشعور بالظلم كبير، خاصة أن من استدعى الطاقم الأردني دفع له أجور المباراة أكثر بعشرة أضعاف عن الأجور التي تدفع للطاقم السوري، فضلاً عن حسن الإقامة والترحاب والاحترام والتقدير، فلماذا مزمار الحي لا يطرب؟ ولماذا نتعامل مع الحكام على أساس غير مفهوم من الظلم والبخل، وربما وصل حد الاضطهاد، مع العلم أن حكامنا بدؤوا يستعيدون ألقهم الخارجي وقد قادوا العديد من المباريات المهمة في البطولات الآسيوية الأخيرة، وتصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم؟.. لذلك فإن تعيين طاقم عربي لمباراة محلية كان ضربة في صميم تحكيمنا، وهذا جعل بعض الحكام ينزعجون من هذا القرار، وبعضهم اعترض، وبعضهم اعتذر ولو لفترة بسيطة، وهذا الأمر من الطبيعي أن يؤدي إلى اهتزاز الصافرة في بعض الحالات التي قد تكون جدلية.
الأخطاء التحكيمية قصة لا نهاية لها ولا علاج، وكل العمل والجهد ينصب على التخفيف من أثر القرار التحكيمي على المباراة، وصولاً إلى مباراة نظيفة، والمباراة النظيفة هي التي لا تحتوي الأخطاء المثيرة للجدل، أو الأخطاء الكبيرة التي تساهم بتغيير النتيجة، وحتى يتم اختصار الأخطاء داخل الملعب دخل (الفار) على خط التحكيم، ومع ذلك بقيت الأخطاء موجودة ولو أن نسبتها باتت أقل من السابق.
المشكلة التحكيمية في بلادنا لها أسباب عديدة وكثيرة، وبالفعل ساهمت الأزمة بتراجع مستوى التحكيم من ناحية الكم والنوع، وعلينا أن نعترف بأن الأمور لم تكن جيدة من ناحية الاهتمام والدعم والرعاية، ولكن ظهر لدينا جيل جديد وجيد من الحكام، ولن نسمي أحداً حتى لا ننسى أحداً، لكن هذا الجيل يتراوح عدده بين عشرين إلى ثلاثين حكماً رئيسياً وحكماً مساعداً.
وبالفعل فإن كرتنا مملوءة بالمواهب التحكيمية مثلها مثل لاعبي كرة القدم، حيث نجد المواهب الواعدة هنا وهناك، والتحكيم صار جهداً ذاتياً يقوم به الحكم مع بعض المساعدات من المقربين، فهناك العديد من الحكام جاؤوا من عائلة تحكيمية كمحمد العبد الله، ومحمد وسامر قرام، ومحمد وعلاء الدين وعبد الكريم قناة، وعداي ومازن الغايب، وعمار أبو علو، وعمار بدور، وأليسار بدور، وغيرهم .
العنصر الأنثوي دخل على خط التحكيم، وصار لدينا حكمات كثيرات بدأن يأخذن طريقهن نحو العالمية، وفي طليعتهن ربا زرقا، ومن هذا الكلام نؤكد أن لدينا القاعدة، ولدينا العنصر البشري، ولدينا الموهبة، ولكن لا نملك فكر التطوير وآلياته، ولا نعرف معنى صناعة الحكم المحترف، كما نجهل صناعة اللعب المحترف، فالقائمون على التحكيم لم يهتموا كما يجب بالعملية التحكيمية، والذين تولوا المسؤولية في السنوات العشر الماضية اهتموا بمصالحهم أكثر من اهتمامهم بتطوير التحكيم.