أنديتنا ماتزال بعيدة عن مصادر الدخل المتاحة والبسيطة… والإدارات بعيدة عن التفكير في الحلول
البعث الأسبوعية-ناصر النجار
في الخبر، فقد أصدرت إدارة نادي الأهلي المصري بياناً أعلنت فيه عن توفر قمصان النادي للمشجعين وأعلنت فيه عن منافذ البيع وما إلى ذلك، وكل ذلك موجود على موقع النادي الرسمي الذي هو مصدر المعلومات الوحيد عن كل شيء يخص النادي، ولا يوجد أي موقع آخر رسمي معتمد.
هذا الخبر نستفيد منه من عدة اتجاهات ليكون موجوداً وفاعلاً في أنديتنا باحترافية من اتجاهات عديدة، وربما هناك بعض الأمور أنديتنا غافلة عنها في تفاصيل الخبر هذا وهو ما يتعلق بموضوع الموقع الالكتروني والعلامة المسجلة الكترونياً.
والحديث اليوم هو امتداد للأحاديث السابقة المتعلقة بالعمليات الفنية والإدارية والتنظيمية المفترض وجودها في الأندية وقد نشرتها (البعث الأسبوعية) في الأسابيع الماضية.
فوسائل الإعلام المتاحة في الأندية مع المشاريع الصغيرة تعتبر كنزاً لا تبحث عنه أغلب أنديتنا وربما لا تفكر فيه مطلقاً، وللأسف كلما تحدثنا مع المعنيين في الأندية عن مثل هذه المشاريع يضعون الحجج والمشكلة أنهم لم يجربوا ولم يفكروا بالعمل ابداً، إنما فكروا بالعراقيل التي ستعترض أي عمل مثمر يمكن أن تقوم به إدارة النادي، وهذا الأمر يجعلنا نصنف الإدارات على قسمين، قسم يبحث عن المنصب من باب (الوجاهة) أو من باب التشريف، وقسم يبحث عن العضوية من باب الفائدة الشخصية، ولو عملت الإدارات من باب المصلحة العامة التي تصب في مصلحة النادي لوجدنا أوضاع أنديتنا في أحسن حال.
العلامة الفارقة
لكل ناد في العالم شعار وهذا أمر متعارف عليه في كل دول العالم والتعامل مع هذا الشعار يكون بمثل تعامل الشركات التجارية مع شعاراتها، حيت يتم تسجيل هذا الشعار في الدوائر التجارية وحماية الملكية والفائدة من ذلك ضبط استعمال الشعار في كل الأمور العامة والخاصة والتجارية.
وعلى سبيل المثال نجد أن المواقع الالكترونية غير منضبطة في هذا الأمر، فعندما تبحث عبر الشبكة عن اسم ناد معين تجد فيه عشرات المواقع تضع شعار النادي وتتكلم باسمه وباسم جماهيره وهكذا، وهذا الأمر يسبب مشاكل عديدة داخلية لأنه يزرع الفتنة داخل النادي خصوصاً عندما يكون الموقع وسيلة للبعض لتمرير سمومهم وأحقادهم على الإدارة، كما تسبب هذه المواقع مشاكل عديدة بين الأندية وكلنا يتابع السجالات الفيسبوكية بين جماهير النادي الأهلي وجماهير نادي الوحدة وآثارها التي باتت خطيرة وتنعكس على الشارع الرياضي وعلى الملاعب والمباريات ليس في كرة القدم وحدها بل في بقية الألعاب.
فعندما تسجل إدارة النادي شعارها ويصبح ملكاً للنادي بشكل قانوني تستطيع مقاضاة كل من يستعمله ضمن الأحكام القضائية الخاصة بالجريمة الالكترونية وقادرة على محاكمة أي شخص يستعمل الشعار أو يسيء بأي اشكال الإساءة للنادي وللرياضة، وإذا كان الشخص المسيء خارج البلاد فهناك طرق عديدة لردع من هم خارج البلاد ولسنا بصدد التطرق إليها.
وهذا الفلتان في الفيسبوك لا نجده إلا في أنديتنا، لأنها غير راغبة أو قادرة على ضبطه، ومن خلال تجاربنا ومحاكاتنا للكثير من المواقع نجد أن هذه المواقع باتت أداة للتأثير على الإدارة الحالية من قبل أشخاص خسروا مصالحهم في النادي وقد يكونوا أعضاء إدارة سابقين أو فشلوا في بلوغ مقعد في هذه الإدارة وتلك.
وكلنا شاهد الحرب الإعلامية الكبيرة التي جرت بين أعضاء اللجنة المؤقتة لاتحاد كرة القدم ومن هو على خلاف معهم بقضايا كبيرة وصغيرة ولو أن الموقع الالكتروني لاتحاد كرة القدم مارس عمله بشكل طبيعي ومنهجي ومباشر لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من تبادل للتهم وقذف وشتم وغير ذلك، وبالوقت ذاته كان اتحاد كرة القدم دافع عن نفسه قانونياً أمام تجاوزات من يهاجمه بأسلوب رخيص ومبتذل دون حقائق أو أدلة.
جوانب مختلفة
الموضوع من هذا الاتجاه أخلاقي ولا بد من العمل من أجله والتحرك الجاد في سبيل نشر الأخلاق ونبذ الفتن والتعصب عن طريق الوسائل التي ذكرناها.
من جهة أخرى فإن الموقع الرسمي للنادي هو صوت النادي ومصدر أخباره والمنفذ الصحيح لمحاكاة الجماهير والمناقشة معهم والرد على استفساراتهم، ويمكن بالوقت ذاته تفعيل عمل الموقع من خلال إصدار مجلة الكترونية أسبوعية ناطقة باسم إدارة النادي تكون بمتناول الجميع، وكانت هذه الجريدة عادة جيدة تقوم بها إدارات بعض الأندية على الورق وتوزعها على الجمهور على أبواب الملاعب مجاناً، لكن هذه الفعالية الإعلامية على أهميتها أهملتها الأندية ولا ندري ما الأسباب مع العلم أن كل ناد يملك جيشاً من الإعلاميين وهم قادرون على تحرير هذه الجريدة.
وإذا أرادت الأندية ونخص بالذكر هنا الأندية الكبيرة التي تملك جماهيرية واسعة أن تفعّل عمل الجريدة فإنها لها أبواب فائدة كبيرة، ومن جملة هذه الفوائد النفع المالي عبر تعزيز التسويق والإعلان ليكون العمل بالنهاية عملاً محترفاً يحقق الغاية منه.
لكن للأسف لا نجد أن الإعلام يمارس دوره في الأندية أو إنهم لا يريدون له أن يمارس عمله المنهجي، ونبقى مع الشعار الذي يقول: الإعلام شريك رئيس في العملية الرياضية لنجده غير مطبق فعلياً لأنهم يريدون من الإعلام أن يكون تابعاً فقط، وهذا الأمر معيب ومن المفترض ألا يكون.
لذلك نؤكد على ضرورة وجود إعلام جاد في الأندية وأن يمارس الإعلاميون دورهم البناء بما يخص العملية الرياضية دفاعاً عن الحق ونبذاً للتعصب الأعمى.
المشاريع الصغيرة
في المحاور السابقة التي تحدثنا بها عن الأندية كانت تسلط الضوء على الاستقرار المالي للأندية من خلال الاستفادة من الاستثمار والريوع والبحث عن مصادر دخل جديدة للنادي، وهناك الكثير من المشاريع الصغيرة التي يمكن أن تشكل رافداً قوياً للأندية ودخلاً ليس ثابتاً فحسب بل هو بمنزلة النبع الذي لا ينضب معينه، وهذا أفضل بكثير من التفكير بأعضاء يدخلون الإدارة مقابل دعمهم المالي فقط، والتجارب الكثيرة في السنوات الماضية أثبتت أن الأندية التي تعتمد على الداعمين هي أندية غير مستقرة ومهزوزة لأن وجودها مرتبط بمزاجية الداعم وشروطه التي يفرضها على النادي، بل إن بعض الداعمين كانوا يفرضون المدرب الفلاني واللاعب الفلاني على الفريق، وتجاوز البعض صلاحياته بفرضه التشكيلة على المدرب، وهذا أحد أهم أسباب انهيار كرة القدم في الأندية لأنها أوكلت أمورها إلى غير أهلها.
ولسنا هنا بوارد استعراض أمثلة واقعية فالدوري الممتاز بسنواته الأخيرة شاهد على تدخل الداعمين وشاهد على انهيار العديد من الفرق الكروية لأن الداعمين رفعوا أيديهم عنها فبات النادي يصارع طواحين الهواء.
ومن المشاريع الصغيرة البسيطة التي يمكن أن تضبط الأندية وتجعلها أندية حضارية منسجمة مع جماهيرها مشروع تفعيل العضوية، ونحن نسمع أن أنديتنا الكبيرة تملك جماهير واسعة بعشرات الآلاف إن لم يكن بمئات الآلاف كالأهلي الحلبي وتشرين والكرامة والوحدة وحطين وجبلة والفتوة وغيرها، وأي ناد غير هؤلاء يمكنه أن يسجل بقيوده عشرة آلاف مشجع ومحب ونقصد الأندية التي تتبع لمحافظات أو مدن كبرى كنادي الساحل والعربي وحرجلة ومن في حكمهم، ولو أن هذه الأندية عملت بهذا الإطار لسعدت وفي ذلك فوائد كبيرة وسبل التطبيق كثيرة والمغريات أكثر وما على إدارات الأندية إلا لتتابع ما يجري في الأندية العربية فتطلع على الآليات التي تعمل عليها وتنفذ بها أفكارها وتقوم بتطبيقها لتحصل على ما تريد.
ومن المشاريع الصغيرة الناجحة التي تدر على الأندية مالياً وفيراً هو الإعلان، والإعلان والتسويق أمر مهم وحضاري وله مردود مالي واسع، والإعلان لا يكون فقط على قمصان الفرق بل يتعداه إلى المنشأة والملاعب والصالات بالنادي وهذا المشروع له تفاصيل كثيرة وفوائده مضمونة.
إضافة لتصنيع وبيع التجهيزات الرياضية وغيرها، فأنديتنا الكبيرة يمكن أن تبيع قمصانها لجماهيرها عبر منافذ بيع محددة وتمنع أي شخص يحاول الاتجار في شعارها وفي هذه المنتجات دون إذن مسبق من النادي.
ومن الجميل عندما نتابع مباريات فرقنا فنرى المدرجات مملوءة بالألوان الزرقاء والصفراء والبيضاء والحمراء والبرتقالي.
أفكار بسيطة
هذا الأمر يقودنا إلى شعار النادي وكيف يمكن أن نستفيد منه، أولاً من الناحية الجمالية فهو جميل جداً بمنظر ومظهر حضاري، ومن الناحية المعنوية يزيد من روابط الانتماء بين الجماهير وناديهم، ومن الناحية المالية فهو يزيد من دخل النادي عبر بيع هذه القمصان، وهو من جهة أخرى يدل على مدى ولاء الجماهير لناديها ومحبتهم له من خلال شراء هذه التجهيزات كنوع من دعم النادي بطريقة غير مباشرة.
والأمر لا يتوقف على القمصان وحدها، فهذه المشاريع كبيرة يمكن أن تمتد لتشمل واقيات الرأس وربطات الرأس والمعصم والأعلام واللافتات الصغيرة، وغيرها من المنتجات التي يمكن استهلاكها في البيوت والمكاتب.
هذا جزء بسيط من الممكن أن تقوم به إدارة النادي وتوفر من خلاله مبالغ جيدة، سيكون نعمة كبيرة للأندية التي لا تملك منشآت واستثمارات، وسيكون رافداً كبيراً للأندية التي تملك منشآت واستثمار، وسيغني الجميع عن البحث عن داعم هنا وهناك وعن استجداء المال في وقت الشدة.
في النهاية لا يسعنا القول: هل تملك إدارات أنديتنا الجدية للتفكير بمثل هذه المشاريع أو بعضها، أم إنها لا تريد عناء التفكير بشيء؟.