حتى لا تأتي الولادة من الخاصرة..!
وائل علي
لطالما كان السؤال يطرح نفسه: لماذا لا تمتلك محافظة طرطوس غرفة صناعة على غرار معظم المحافظات؟ ولماذا ظلّت مكتفية بغرفة واحدة تجمع بين التجارة والصناعة؟!.
ألا يعني ذلك، بشكل أو بآخر، وببساطة شديدة، إقراراً رسمياً ومجتمعياً بأنه لا صناعة هناك في طرطوس، رغم أنها تشكّل نافذة وبوابة بحرية مهمّة نحو العالم، ومركزاً حدودياً برياً واسعاً مع الجار “الشقيق” لبنان، على طول الحدود الجنوبية للمدينة، ما يعني أن مجمل صناعيي سورية -إن لم نقل كلهم- بحاجة لهذه البوابة المرفئية والبرية الواسعة الطيف باتجاهي توريد موادهم الأولية، وتصدير سلعهم وبضائعهم ومنتجاتهم، ويعكس بالتالي ضرورة وأهمية أن تكون مستودعاتهم ومصانعهم ومعاملهم ومشاغلهم الحرفية قريبة من الموانئ، توفيراً لنفقات وأعباء النقل التي تضاعفت، وتضاعفت، ويتكبّدها الصناعيون والمنتجون والحرفيون من وإلى المرافئ في كل الاتجاهات، توريداً وتصديراً وتوزيعاً للمستهلك الذي يتحمّل ويدفع أولاً وآخراً كامل تكاليف العملية الإنتاجية مع هامش الربح!!.
وبما أن جوهر العمل الصناعي يقوم على الاقتصاد في التكاليف بالدرجة الأولى، لأنه سيكسبهم عنصر المنافسة السعرية ويحقق لهم هامشاً ربحياً مجزياً. ولا ننسى الإشارة في هذا السياق إلى أن مدينة طرطوس طُرحت أكثر من مرة لتكون بكاملها منطقة حرة بكل ما يترتب على هذه الصفة من ميزات ومزايا ومحفزات، ستنعكس بلا أدنى شك على الاقتصاد السوري لو أحسنّا إدارة هذا “الملف المنسي”، رغم أن المنطقة العقارية الجنوبية المسمّاة بعرب الشاطئ والحميدية المحاذية للحدود اللبنانية والبحرية تمّ وضع إشارة تنظيمية عليها لدى الدوائر العقارية تحت مسمّى منطقة حرة منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي!!.
من هنا تكمن أهمية قرار وزير الصناعة الأخير رقم 758 تاريخ 26\4\2022 القاضي بإحداث غرفة صناعة في محافظة طرطوس تتولّى تقديم التسهيلات للعملية الصناعية والإنتاجية ومعها التجارية، لمعالجة ما تعجز عنه غرفة التجارة من خلال غرفة الصناعة والعكس صحيح.. وهذا بطبيعة الحال سيقدم خدمات جليلة لهذا القطاع، وسيشكّل مع الزمن رافداً مهماً للخزينة العامة وسينعش العملية التنموية ويسرّع العجلة الاقتصادية، وسيولد فرص عمل لا حدود لها، وسيوطن صناعات ومعامل جديدة حُرمت منها المحافظة طوال العقود الماضية بلا مبرّر، ولاسيما أن لدينا العديد من المناطق الصناعية المنتشرة في مدن المحافظة الخمس.. وهذا ما يرتب على المولود القادم (غرفة الصناعة) آمالاً لا يُستهان بها، بل إنها ستقلب خارطة العمل الصناعي في محافظة طرطوس رأساً على عقب، وستقدم -كما نعتقد ونظن- حلولاً لكثير من المشكلات الإجرائية منها أو الجوهرية المتعلقة بهذا الميدان.. فهل سيكون الوليد المنتظر “خديجاً” أم مولوداً أتمّ أشهر حمله كي لا تأتي ولادته من الخاصرة؟!.
Alfenek1961@yahoo.com