“بلومبيرغ”: الاتحاد الأوروبي متخوّف من الركود الاقتصادي
البعث – وكالات:
يبدو أن النتائج الكارثية للعقوبات الغربية غير المسبوقة المفروضة على روسيا بدأت تظهر في الاقتصادات الأوروبية، فبدافع الحقد الغربي على روسيا اندفع الجميع بتحريض من واشنطن إلى التباهي بفرض العقوبات على موسكو بحجة العملية العسكرية الخاصة للجيش الروسي في أوكرانيا، فراحوا يتنافسون في اجتراح أنواع جديدة من العقوبات حتى لو كانت من خارج القانون الدولي والإنساني، وذلك لإجبار روسيا على أن تجثو على ركبتيها أمام الدول الغربية، غير أن ما حدث صراحة هو العكس، فها هي الدول الأوروبية باتت تعاني واحدة تلو أخرى من وطأة هذه العقوبات عليها، وانقلب السحر على الساحر، فبدلاً من انهيار الروبل الروسي انتعش وأصبح يعيش الآن عصره الذهبي، في المقابل بدأت الآثار الكارثية لذلك تظهر على الدولار واليورو، كما أن معدلات التضخم ارتفعت بشكل غير مسبوق في الدول الغربية، وتحديداً في دول الاتحاد الأوروبي التي باتت تبحث عن مخارج من هذه العقوبات التي ألزمت نفسها بها وارتدّت عليها مباشرة.
وفي هذا السياق، قالت وكالة “بلومبيرغ”: إن الاتحاد الأوروبي نتيجة تداعيات أزمة أوكرانيا بات متخوّفاً من الركود الاقتصادي، مع وجود شكوك في أن البنك المركزي الأوروبي سيكون قادراَ على تجنّبه.
وجاء في تقرير “الوكالة”: “الركود هو كلمة تحاول البنوك المركزية والقادة السياسيون تجنّبها. ووفقاً للمستثمرين وقادة الشركات، فإن خطر حدوث ركود حقيقي وارد، ولا سيما في أوروبا”، إذ حذر كبار المديرين والخبراء في أكبر المؤسسات المالية، مثل “JPMorgan Chase” و”HSBC” و”Goldman Sachs”، من خطر حدوث ركود في منطقة اليورو.
وتابعت الوكالة نقلاً عن خبراء: “لقد برز خطر الركود في المقدمة وسط الرياح المعاكسة الرئيسية التي تواجه اقتصاد منطقة اليورو: استمرار التضخم المرتفع، والأزمة المستمرة في أوكرانيا، وأزمة الطاقة المتفاقمة المرتبطة بها. إلا أنه لا يزال البنك المركزي الأوروبي متفائلاً، معتقداً أنه سيكون قادراً على إيجاد طريقة للخروج من التحفيز الاقتصادي في عصر الأزمة”.
ولكن، كما تقول الوكالة، فإن “هناك شكوكاً في أن البنك المركزي الأوروبي سيكون قادراً على تجنّب الركود” الذي يخشاه الجميع.
وأوضحت الوكالة أن “الدول التي تدعم أوكرانيا وتفرض عقوبات على روسيا تضرّ أيضا باقتصاداتها، إذ تُظهر المصانع الأوروبية علامات محنة، وسط الزيادات القياسية في الأسعار وتقلص الطلب الذي تفاقم بسبب الإغلاق الصارم في الصين. فتعرّضت أوروبا لضغوط من جميع الجهات، ما أجبر المستثمرين على المراقبة لمعرفة ما إذا كانوا يدفعون بالاقتصاد الهش بالفعل إلى الركود”.
فبعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، صعّدت الدول الغربية من ضغوطها على موسكو وفرضت عقوبات غير مسبوقة ضدها استهدفت قطاعاتها المالية ومنشآت حيوية وكيانات وأفراداً ومسؤولين، إلا أن تداعيات هذه العقوبات انعكست على الاقتصاد العالمي.
وكانت الوكالة قد أفادت أمس بأن الاتحاد الأوروبي سيعرض على مستوردي الغاز الروسي حلاً لتجنّب خرق العقوبات على روسيا، يرضي موسكو حيال الدفع بالروبل.
وقالت مصادر مطلعة للوكالة إن “المفوضية الأوروبية تخطط في الإرشادات الجديدة حول المدفوعات مقابل الغاز الروسي، بأنه يجب على الشركات المستوردة إصدار بيان واضح بأنها تعتبر التزاماتها قد تم الوفاء بها بمجرد دفعها باليورو أو الدولار، بما يتماشى مع العقود الحالية”.
ولفتت إلى أن “الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي أبلغت الحكومات أن التوجيهات لا تمنع الشركات من فتح حساب لدى Gazprombank، وستسمح لها بشراء الغاز وفقاً لعقوبات الاتحاد الأوروبي”.
وذلك طبعاً في محاولة للالتفاف على فكرة أنهم خرقوا عقوباتهم على روسيا تحت ضغط استحالة تنفيذها، حيث تابعت الوكالة: “الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي لم توضح ما إذا كان امتلاك حساب بالروبل (وفق المرسوم الروسي) يتماشى مع لوائح الاتحاد الأوروبي”.
وأوضحت المصادر تعليقاً على هذه النقطة: إن “الإرشادات المحدثة، كما تم تقديمها إلى الدول الأعضاء، فشلت في معالجة هذه النقطة”.
وتابعت: إن “ممثلي الحكومات انقسموا في الاجتماع الذي عقد يوم الجمعة، حيث أيدت ألمانيا وهنغاريا وإيطاليا وفرنسا خطة المفوضية على نطاق واسع، بينما قالت بولندا إنها فشلت في تقديم توضيح قانوني ودعت سفراء الاتحاد الأوروبي إلى مناقشة الأمر”.
وأضافت: إن “ألمانيا قالت في الاجتماع إنها تشاورت مع شركاتها بشأن الاقتراح وحصلت على ردود فعل إيجابية، كما سعت إلى ضبط التوصيات من خلال توضيح أن عقوبات الاتحاد الأوروبي لا تحظر فتح حسابات متعدّدة في Gazprombank”.