آلة البزق الوترية وحكاياتها الموسيقية
حلب – غالية خوجة
ماذا لو أصغينا إلى حكايات موسيقية تعزفها آلة البزق وشقيقاتها، وهي تنتقل بين حكاية تراثية فلكلورية وذاكرة تستعيد جبالها وأهاليها وبيوتها وساكنيها، ومشاهد صامدة بأشجارها وأطفالها ونسائها على الحرب الظالمة؟ وبين مقطوعات من تأليف بعض العازفين مثل أمير البزق محمد عبد الكريم، ومطر جمعة، ومقطوعات أخرى غنائية وشارات مسلسلات ورحبانيات؟.
هذه الألحان رفرفت حوالينا بأنامل حسّاسة لكل من العازفين المشاركين في فقرات هارمونية، تشارك فيها كلّ من جمو سعيد، شفان رستم، ليقدما حوارية تناغمية بين الطمبور والكمان، بينما قدّم بهجت سرور وبعض طلابه رباعية جمعت الساز والباغلمة والطمبور بمرافقة محمد حاجي رشيد على العود.
واختتم الأمسية العازف الملحن بحري التركماني مبحراً بنا بين أمواج الواقع والمخيلة، تاركاً للقوارب النفسية أن ترحل مع موجة هادئة ومتكلمة وراحلة، ليذكرنا ليس فقط بأمراء البزق بل بالفنان فريد الأطرش، وكم كان منسجماً مع حالته لدرجة أنه واصل العزف رغم انقطاع الكهرباء للحظات، متابعاً حكاياته وألوانها برشاقة.
وللمستمع لهذه الأمسية الجديدة أن يشعر بانتقالات جميلة أشبه ما تكون بحركات راقصة، وأوتار تأملية، وألحان عربية مختلفة وتراث عفريني ملوّن بألوان الطبيعة وهي تحكي عن فصولها وأحلامها وناسها، كما تحكي الأوتار عن رحلتها العميقة مع البزق عبْر الأزمنة وحالتها الفسيفسائية السورية.
هذا مما حدث على مسرح دار الكتب الوطنية في أمسية موسيقية عزفتها آلة البزق وشقيقاتها، وذلك على هامش مهرجان آلة البزق الذي يُقام عادة بدمشق برعاية وزارة الثقافة، وتنظيم مديرية المسارح والموسيقا، مما جعل لحلب وحمص والقامشلي وغيرها من المحافظات نصيباً من فعاليات هذا المهرجان الذي تتحاور فيها آلات مختلفة إضافة للبزق وهي الطمبور، الساز، الباغلمة، العود، الكمان.
يُذكر أن الإعلامي والمشرف على الفعالية إدريس مراد هو الذي قدّم الأمسية، مؤكداً أن جميع العازفين تأذوا من الاحتلال التركي، و6 عازفين منهم من عفرين الحبيبة، بينما العازف بحري التركماني فهو من لواء إسكندرون، والجميل أننا جميعاً نتوّج بالعلم السوري.