صحيفة البعثمحليات

“المصداقية مفقودة”

شهدت مدينة حلب ومناطق وقرى الريف خلال العامين الماضيين جولات ميدانية للوقوف على الواقع الخدمي والمشاريع التنموية الجاري تنفيذها، بالإضافة إلى الاستماع لهموم ومشكلات الأهالي، وتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم اليومية، ونذكر أن هذه الجولات اعتاد أن يقوم بها المعنيون في مجلس المحافظة، ومديرو المؤسسات الخدمية عقب كل زيارة تقوم بها الحكومة مجتمعة أو منفردة إلى حلب، إلا أن هذه الزيارات على أهميتها لم تفض إلى أي إنجاز ملموس على مستوى تحسين الواقع الخدمي والمعيشي، حيث بقيت معظم المشكلات والأزمات قائمة، بل زادت حدتها مع مرور الوقت، في ضوء غياب العمل المنهجي والخططي لتنفيذ المشاريع المقررة، وإزالة آثار الإرهاب الذي ضرب مناطق الريف. وحتى لا تكون الصورة ضبابية، لابد من الإشادة بالجهود المبذولة حالياً لتدعيم القطاع الزراعي، وتوفير مستلزمات إنتاجه، ومتابعة تنفيذ مجموعة من المشاريع المائية والكهربائية، وغيرها من مشاريع تأهيل البنية التحتية لتمكين الأهالي من العودة الى قراهم، إلا أن ذلك ليس كافياً للإقلاع بالعملية التنموية والزراعية على النحو الذي تتطلبه المرحلة الراهنة والمستقبلية لتدعيم حالة الاستقرار الريفي، وتحفيز الأهالي على مزاولة أعمالهم واستثمار أراضيهم، خاصة خلال هذه المرحلة المفصلية التي تتطلب تعاوناً من الجميع، وفي مقدمتهم الحكومة، للنهوض بالقطاع الزراعي، ورفع منسوب إنتاج المحاصيل الاستراتيجية نظراً لأهميتها لمواجهة التحديات الاقتصادية والغذائية التي تعصف بالعالم أجمع.

ومع بدء موسم الحصاد نأمل أن تتجدد هذه الزيارات والجولات واللقاءات، وإعادة جسور التواصل المباشر مع الفلاحين والمزارعين، والاستماع إلى مشكلاتهم ومتطلباتهم، وأن تبدي الجهات المعنية جدية كبيرة في التعاطي مع الحالة الراهنة، وأن تكون هناك مصداقية في وضع الخطط والبرامج الآنية والمستقبلية، وجدية حقيقية في آليات التنفيذ لتسريع إعادة تأهيل الريف بكل مكوناته، وبما يمكنه من لعب دور حيوي في عملية إعادة الإعمار والبناء، وبالتالي تمتين الرابط بين المدينة والريف على اعتبار الأخير يشكّل رافعاً وداعماً للعملية الاقتصادية والتنموية على السواء، ولعل أكثر ما هو مطلوب حالياً ومستقبلاً هو التخلي عن المكاتب، والانتقال إلى العمل الميداني في المدينة والريف على السواء، وتوظيف الإمكانات المتاحة في مكانها الصحيح، وتذليل كل ما يمكن أن يعيق العملية التنموية، لا أن تكون هذه الجولات مجانية وتسويقية وإعلانية كما درجت عليه العادة.

نعتقد أن مجالس المدن والوحدات الإدارية المنتخبة في معظم مناطق الريف لها دور مهم ومحوري في متابعة تنفيذ هذه المشاريع، وإقامة مشاريع إضافية تنعكس إيجاباً على الواقع الخدمي والمعيشي، وهذه الشراكة المنقوصة من المفترض أن تكون أكثر تكاملاً وشمولية ويتسع أفقها وتفاعلها، والاستفادة القصوى من الدعم الحكومي المتاح الذي يتطلب متابعة حثيثة ويومية من مجلس المحافظة ومن كافة المؤسسات والمديريات المعنية، وصولاً إلى تحقيق مستويات أفضل من العمل والإنتاج في مختلف المجالات .

معن الغادري

maanghadri1@gmail.com