مجلة البعث الأسبوعية

التوربينات في الجولان السوري المحتل مشروع استيطاني عدواني صهيوني جديد

البعث الأسبوعية – محمد غالب حسين

يؤكّد أهلنا في الجولان السوري المحتل بقرى مجدل شمس ومسعدة وعين قنية وبقعاثا على استمرارهم بالنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي لإفشال مخططه الاستيطاني العدواني الإحتلالي بإقامة توربينات هوائية على آلاف الدونمات من أراضيهم.

وأشار الأهالي خلال اجتماع عقد مؤخراً في منطقة المرج بين قريتي مسعدة ومجدل شمس المحتلتين إلى أن الاحتلال يسعى بكل الوسائل لتنفيذ مخططه على أراضيهم الزراعية، مشدّدين على أنه بعد استنفاد كل السبل لوقف المخطط، فلم يعد أمام الأهالي إلا المواجهة في الميدان، لإسقاط المخطط ، ومنع تنفيذ أي خطوة منه مهما كانت التضحيات، وغلت الأثمان.

وقال الأهالي في بيان بختام الاجتماع : “إن الاحتلال يحاول عبر مخطط التوربينات سلخنا عن أرضنا التي قدمنا الدماء والتضحيات لأجلها على مدى عشرات السنوات، كما يهدف إلى منع التوسع العمراني، وتقييد التصرف بأراضينا والسيطرة عليها. وفي حال أصر المحتل على المضي في مخططه فنحن أهل للمواجهة التي اتخذنا قرارها، وأصبح أمراً محسوماً لا رجعة فيه”.

وأكد الأهالي فرض الحرم الديني والاجتماعي لكل من تسول له نفسه التعامل مع سلطات الاحتلال ، والشركة التي أعلنت أنها ستباشر العمل بالمخطط خلال أيام مشيرين إلى أهمية هذا السلاح الذي استخدمه أبناء الجولان منذ ثمانينات القرن الماضي، والتأكيد على التلاحم الاجتماعي بين أبناء الجولان لإفشال مخططات الاحتلال.

وأقام أبناء الجولان خيمة اعتصام دائمة ومفتوحة في منطقة المنفوخة شرق بحيرة مسعدة رفضاً لمخطط الاحتلال حيث يؤكدون أن الأرض التي رواها الآباء والأجداد بالدماء ملك للأبناء، ولن يسمحوا لأحد بتدنيسها، مطالبين المجتمع الدولي بوقف هذا المخطط الاستيطاني الرامي لتهجيرهم ، ويشكّل انتهاكاً سافراً لقرارات الشرعية الدولية.

مشروع استيطاني احتلالي

يُعدّ مخطط التوربينات الهوائية من أخطر المخططات الاستعمارية التهويدية التي تستهدف الجولان السوري المحتل حيث يتضمن الاستيلاء على أكثر من ستة آلاف دونم على ثلاث مراحل. الأولى استولى الاحتلال فيها على مساحات من أراضي القرى المهجرة عيون الحجل والمنصورة والثلجيات ، وأقام ( 42 ) توربيناً عليها بارتفاع ( 120 ) متراً في انتهاك لجميع القوانين والقرارات الدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم ( 497 ) لعام 1981م الذي يؤكد أن جميع إجراءات الاحتلال في الجولان لاغية وباطلة ولا أثر قانونياً لها.

وتستهدف المرحلة الثانية منطقة تل الفرس، حيث باشر الاحتلال العمل فيها منذ نحو شهر. فيما تستهدف المرحلة الثالثة قرى مجدل شمس ومسعدة وبقعاثا، وتتضمن الاستيلاء على أكثر من أربعة آلاف دونم من الأراضي الزراعية الغنية ببساتين الكرز والتفاح التي رواها أهلها خلال عقود طويلة بعرقهم ، وقدموا التضحيات دفاعاً عنها.

رفض وطني لقرار عدواني

وتؤكد سورية باستمرار على أن الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من أراضيها، وتعمل على إعادة كل ذرة من ترابه إلى الوطن بكل الوسائل المتاحة، باعتباره حقاً أبدياً لا يسقط بالتقادم، كما تواصل دعم أهله في نضالهم ضد الاحتلال الإسرائيلي، ورفضهم سياسة نهب الأراضي والممتلكات التي يتبعها الاحتلال بما في ذلك إقامته المستوطنات والتوربينات بهدف تغيير طابع المنطقة الديموغرافي والجغرافي والقانوني.

كما تؤكد الأمم المتحدة عبر القرارات الصادرة من مجلس الأمن الدولي ضرورة انسحاب “إسرائيل” من الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967م ، ووقف جميع عمليات الاستيطان فيه، مشددة على أن جميع الإجراءات التي اتخذها أو سيتخذها الاحتلال الإسرائيلي بهدف تغيير طابع الجولان السوري، ووضعه القانوني لاغية وباطلة، وتشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية .

تصدّ جولاني للمشروع

وتعود إرهاصات هذا المشروع الاسرائيلي الاستيطاني الذي يستهدف قضم أراضي المواطنين السوريين بقرى مجدل شمس ومسعدة وبقعاثا وعين قنية في الجولان السوري المحتل لعام 2020 م،  حيث أعلن الجولانيون آنذاك إضراباً عاماً شمل جميع المرافق الحياتية والمدارس، احتجاجاً على بدء تنفيذ المشروع الإسرائيلي الاستيطاني لنصب توربينات عملاقة على أراضي المزارعين ، وتتسبب بالتالي بالاستيلاء على الأراضي الزراعية لأبناء الجولان السوري المحتل. ويُجمع الجولانيون على ضرورة مواصلة الحراك الشعبي والتصدي بكل السبل المتاحة لإسقاط المخطط الخطير الذي يستهدف الأرض والإنسان .

كما شهد الجولان أيضاً اعتصامات ومواجهات مع الشرطة الإسرائيلية، بعدما وصلت معدات العمل الإسرائيلي لبدء تنفيذ المشروع الاستيطاني الجديد على أرض الجولان، بنصب عنفات الرياح (التوربينات) في مساحات شاسعة من المنطقة، وهي الأعلى من حيث الموقع.

وكان الأهالي قد علموا ببدء تنفيذ المشروع بعدما وصلت إلى أراضيهم مجموعات من الخبراء لفحص نوعية التربة، ثم منعت الشركة العدوانية المنفذة للمشروع أصحاب الأراضي من دخولها، فأعلن السكان الإضراب العام ووصلوا إلى المنطقة، وتصدوا للموجودين هناك، فهرعت قوات كبيرة من الأمن الاسرائيلي، وقامت بتطويق الأراضي التي سيقام عليها المشروع، فوقعت مواجهات بين الطرفين استخدمت فيها الشرطة عيارات مطاطية وغازاً مسيلاً للدموع ، وأصيب عدد من الأهالي بالرصاص المطاطي، واستنشاق الغاز المسيل للدموع. وقال مدير المجمع الطبي في مجدل شمس، ثائر أبو صالح، إن أحد السكان وصل في حال خطرة، مما استدعى نقله إلى المستشفى، كما أن معظم الإصابات كانت في الرأس والأطراف، واعتقلت الشرطة عشرة من أبناء الجولان على الأقل، وأقام المئات اعتصاماً هناك .

فعاليات احتجاجية جديدة

وفي الرابع عشر من أيار ٢٠٢٢ م ، وضمن إطار الفعاليات الوطنية الاحتجاجية ضد مخطط الاحتلال الإسرائيلي التهويدي لإقامة توربينات هوائية على أراضيهم الزراعية، نظّم أهلنا في الجولان السوري المحتل مظاهرة احتجاجية وصولاً إلى تلك الأراضي المهددة بالمصادرة في سحيتا والحفاير والمنفوخة والتي تعود ملكيتها لأبناء القرى المحتلة الصامدة مجدل شمس ومسعدة وبقعاثا وعين قنية ، كما نظموا مظاهرة احتجاجية بالسيارات من بلداتهم وقراهم رافقتها فرقة من الخيالة وصولاً إلى منطقة المصنع، وبعدها ساروا على الأقدام بين بساتين التفاح والكرز حاملين اللافتات المنددة بالمخطط الصهيوني التهويدي ورافعين الأعلام الوطنية السورية.

وجدد أبناء الجولان السوري المحتل رفضهم أي مخطط صهيوني على أراضيهم واستعدادهم لمقاومته بكل الطرق وتمسكهم بانتمائهم لوطنهم سورية ، وبهويتهم العربية السورية. وقال الشيخ نزيه محمود إن المخطط الصهيوني يستهدف وجودنا كأبناء أرض محتلة فالاحتلال يسعى إلى تهجيرنا من أراضينا ولكننا واثقون بقدرة أبناء الجولان على التصدي لمخطط التوربينات الاستيطاني وإفشاله. وأضاف محمود إذا كانت المواجهة مع الاحتلال حتمية وهي الطريق الوحيد فسنواجه، ولن نبخل بالدفاع عن أرضنا مهما غلت الأثمان، فما دفعناه لا يقارن بما دفعه الآباء والأجداد من تضحيات في صد الاحتلال الفرنسي والعثماني .

مخالفة القانون الدولي

إن المشروع الاستيطاني الاسرائيلي عدوان صارخ على القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن الدولي ، ويتعارض مع اتفاقيات جنيف الموقعة في آب ١٩٤٩ م،  خاصة الاتفاقية الرابعة التي تنص على حماية المدنيين وقت الحرب، والمحافظة على حقوقهم في الأراضي المحتلة. إذ تنص الاتفاقية على عدم المساس بحقوق المدنيين الواقعين تحت الاحتلال، وتمنع الاعتداء على أملاكهم ومنازلهم وثرواتهم وأراضيهم ومصادر رزقهم ، وتُدين أي أعمال أومخططات أو تصرفات لمصادرة أراضيهم وعقاراتهم ومزروعاتهم أو حرمانهم من موارد حياتهم .

لكن المشروع الاحتلالي العدواني يهدف لمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية لأبناء الجولان السوري المحتل، وهي مصدر حياتهم التي تعتمد على الزراعة. لذلك رفض أبناء الجولان هذا المشروع ، كما رفضوا ، وأسقطوا ما يُسمى بقرار الجولان عبر مقاومتهم وإضرابهم الكبير، وتقديمهم الشهداء والشهيدات والجرحى والأسرى، مؤكدين رفضهم للاحتلال الاسرائيلي، وما صدر عنه من إجراءات احتلالية زائلة ، وقوانين عدوانية باطلة ، متمسّكين بهويتهم العربية السورية ، لأنها شرفهم ورمز كرامتهم ، مؤكدين الانتماء الأصيل لوطنهم الأم سورية، والولاء المطلق لقائد وطنهم السيد الرئيس بشار الأسد، واثقين بزوال الاحتلال الاسرائيلي، وعودة الجولان لوطنه وشعبه وأهله .