“الدروس الخصوصية” إحدى أبواب تسرب الأسئلة.. مخاوف بانقراض الدور التربوي للمدارس..!
حماة – ذكاء أسعد
باتت ظاهرة الدروس الخصوصية مقلقة لجهة نموها المتسارع لدرجة أنها لم تقتصر فقط على طلاب الشهادتين “التعليم الأساسي والثانوية العامة”، بل اقتحمت المراحل الانتقالية كافة، والأنكى أنها أضحت أشبه ما تكون ضرورة حتمية تلجأ إليها الأسر لتعويض النقص الحاصل في مستوى التعليم..!.
تقصير
بعض أولياء الأمور ألقوا اللوم على معلمي المدارس واتهموهم بالتقصير في أداء مهامهم ضمن المدرسة بغرض الترويج للدروس الخصوصية، ويأتي ذلك تزامناً مع اتهام عدد كبير من التلاميذ لمدرسيهم خاصة في المرحلة الانتقالية، حيث أكدوا أن بعض المعلمين يصبون جل اهتمامهم بالتلاميذ الذين يتلقون هذه الدروس لديهم، إلى جانب مطالبة بعض المعلمين للطلاب في الصف بالتسجيل بهذه الدورات “صيفا شتاء ” مع وعود متعلقة بزيادة معدلاتهم، في حين اعتبر أحد المدرسين أن الدروس الخصوصية ليست إلا هدراً للوقت من جهة، وبيع للأسئلة من جهة أخرى، خاصة عندما يقوم المعلم بالتركيز على الدروس قبيل الامتحان بيوم أو اثنين، في إشارة منه إلى إمكانية تسريب الأسئلة عن طريق التلميح لأهم المحاور في الكتاب.
غير دقيق!
ما سبق من اتهامات نفاها التربوي صفوان عرب، مؤكداً أن الكلام عن اتهام المدرس بالإهمال لغاية توجيه الطالب للدروس الخصوصية غير دقيق، مشدداً على أن غالبية المدرسين يقومون بعملهم على أكمل وجه وهم متابعين من خلال التوجيه مديريات التربية، مضيفاً: إن وجدت بعض الحالات أو بعض الأخطاء فهي حالات خاصة جداً وشاذة لا يمكن تعميمها.
إيجابيات
من وجهة نظر عرب أنه يمكن أن يكون لبعض الدروس الخصوصية تأثيراً إيجابياً على الطالب وذلك بحسب حاجته للمساعدة من المدرسين لترميم بعض النقص في المواد، لكنه بذات الوقت أشار إلى أن تحول الدروس الخصوصية إلى ظاهرة متفشية يؤثر بشكل خاص على التربية، وعلى المدرسة كونها تعتبر أهم منهل للعلم، كما أن خطورتها تكمن في التداعيات النفسية حيث تجعل الطالب يعتاد على الاتكالية وعدم المبادرة أو الاعتماد على الذات، فضلاً عن أنها مرهقة جداً للأهل من الناحية المالية خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة حالياً.
خمول وكسل
من وجهة نظر علم النفس يؤدي الاعتماد على الدروس الخصوصية إلى إصابة التلاميذ والطلبة بالخمول والكسل وبحسب الدكتورة جمانة خزام “علم نفس” فإن الإكثار من حصص الدروس الخصوصية يقتل الرغبة لدى الطلبة بالبحث عن المعلومة كما تقضي على مهارات التفكير وتخلق جيلاً إتكاليا غير مسؤولاً وبالتالي لا يمكن التعويل عليه في المستقبل كجيل بنّاء.
بين الإنذار والحسم
يحيى منجد مدير التربية في حماة بين أن الشكاوى المتعلقة بهذا الأمر تحال للرقابة الداخلية للتحقيق حيث تتراوح العقوبة بين الإنذار والحسم وتشدد العقوبة في حال تكرار هذا الأمر، مؤكداً أن المدرس لا يسمح له بإعطاء الدروس الخصوصية لطلاب صفه ويعاقب من يرتكب ذلك.
ويرى مدير التربية أن للدروس الخصوصية عدة أسباب تتنوع بين تعويض الفاقد التعليمي وزيادة تحصيل الدرجات والمنافسة وفي بعض الأحيان ربما تكون للتفاخر بين المعارف والأقران ليس إلا، أما أولياء الأمور فيؤكدون أن للدروس الخصوصية أسباب كثيرة ألزمتهم الانصياع لها، فمنهم من اشتكى من صعوبة المناهج وعدم قدرتهم على تعليم أبنائهم نظراً لضعف اطلاعهم العلمي الكافي الذي يؤهلهم للقيام بهذا الدور، فيرفعون مضطرين عن أنفسهم المسؤولية ويسندون هذه المهمة للمعلم “الخاص”، والبعض الآخر ردّ سبب لجوءه لهذه الدروس لعدم قدرة أبنائه على التركيز داخل الصف نظراً لاكتظاظ المدارس بالطلاب حيث يضم الصف الواحد ما يزيد عن 50 طالباً.
أرقام كبيرة!
من خلال استطلاع لبعض الآراء لمعرفة قيمة أجر ساعة الدرس الخصوص، ذكر العديد من الأهالي أن “الأسعار نار” تتراوح ما بين 15000 -25000 ليرة، وربما يكون السعر أكبر في بعض المناطق، واعترف أحد الآباء أنه دفع أجرة دروس خصوصية لابنه طالب الثانوية -الفرع العلمي- أكثر من مليون ليرة منذ بداية العام الدراسي، ويتوقع أن يزداد الرقم كثيراً مع اقتراب موسم الامتحانات التي ترتفع خلالها أجور الساعات بشكل مخيف دون حسيب أو رقيب من قبل وزارة التربية ومديرياتها!.
التعاون مطلوب
في البحث عن الحلول اعترف التربوي عرب أنه لا يمكن علاج هذه الظاهرة في الظروف الحالية أو الحد منها إلا بالتعاون بين الأهل والمدرسة، وتعزيز الدور الريادي للمدرسة كمنهل أساسي والذي يعتبر الأول والأهم للعلم والتحصيل الدراسي، وبيّن أن وزارة التربية تقوم بشكل مستمر بطرح المناهج التعليمية من خلال دروس تعطى عبر المنصة التعليمية توفر للطالب كل ما يحتاجه من دروس وشرح للمناهج التعليمية، مطالباً الأهل بتوجيه أبنائهم للاستفادة مما تطرحه الوزارة من خلال تلك المنصات خاصة وأنها متوفرة وبشكل مجاني للجميع، لافتاً إلى أن الوزارة تعمل على الحد من هذه الظاهرة عن طريق الدورات المجانية في المواد كافة وذلك بالتعاون والتنسيق مع منظمة اليونيسف، إضافة إلى الدورات المشتركة مع نقابة المعلمين والدورات التي تمت بالتنسيق مع اتحاد العمال بالمحافظة وذلك بوجود نخبة من المدرسين، مؤكداً أنها لاقت إقبالاً كبيراً وترحيباً من الأهالي ومن طلاب الشهادتين، حيث يشرف على هذه الدورات نخبة من موجهي الاختصاص، إضافة إلى اختبارات تحاكي اختبار الشهادة العامة لجعل الطالب مستعداً بشكل جيد للامتحان النهائي، وهكذا تكون وزارة التربية قد خففت من الأعباء المالية عن أولياء الأمور بشكل كبير سيماً أنها تأتي في أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة.
ويبقى السؤال في ظل هذا الواقع التعليمي “الفوضوي” إلى متى تبقى الدروس الخصوصية تستنزف جيوب أولياء الأمور، وجهد المعلمين الذي حولوا المدارس مكاناً للنوم أثناء الحصة نتيجة إرهاقهم من تعب الدروس الخصوصية؟!