“القمح مقابل السلاح” مصطلح حرب أوكرانيا الجديد
عناية ناصر
اعتادت الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، القيام بكل ما في وسعها من أجل الاستيلاء على الموارد الاستراتيجية مثل النفط. والآن مع تزايد الطلب على الحبوب، كشف الغرب مرة أخرى عن طبيعته الجشعة والشريرة. وحثت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي الغرب على التحرك بسرعة لمساعدة أوكرانيا على تصدير مخزونها المتزايد من الحبوب استجابة لأزمة الغذاء العالمية المتفاقمة، وأضافت :” إن ملايين الأطنان من الحبوب عالقة في صوامع أوكرانيا، لذلك” يجب تحرير القمح الأوكراني وإرساله إلى الموانئ الأوروبية لشحنه”.
تعرف أوكرانيا بأنها “سلة خبز أوروبا”، حيث قدّر مزود خدمات شركة ” اي اتش اس ماركت” المزود العالمي المتنوع للمعلومات والخدمات المالية، أن أوكرانيا كانت ثاني أكبر مورد للحبوب للاتحاد الأوروبي في عام 2021 ، وهو ما يمثل 14 بالمائة من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الحبوب.
ووفقاً لصحيفة “بوليتيكو”، أعلنت المفوضية الأوروبية من أجل حماية “سلة الخبز” عن استراتيجية ممرات التضامن بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا لفتح الحدود وتعزيز القدرة على الطرق البرية والسكك الحديدية لتصدير الحبوب الأوكرانية.
تعتبر أوكرانيا أيضاً مصدرا مهما للحبوب في العالم، وزعم مقال لرويترز في كانون الثاني أن أوكرانيا شحنت في السنوات الأخيرة أكثر من 40 في المائة من الذرة والقمح إلى الشرق الأوسط أو أفريقيا سنوياً، كما أكدت الأمم المتحدة أن الحرب الروسية الأوكرانية تضر بالدول الفقيرة المستوردة للحبوب.
وفي هذا الإطار قال بعض الخبراء والمحللين: “ليس هناك شك في أن ما حثت عليه وزيرة الخارجية الكندية هو في صالح الغرب أكثر من العالم، فمن خلال مساعدة أوكرانيا على “تحرير قمحها”، تحاول بعض الدول الغربية معالجة مشكلة نقص الغذاء، والاستفادة من وضع أوكرانيا الحالي من خلال شراء المزيد من المواد الغذائية بأسعار منخفضة نسبياً. إن مثل هذا النوع من “النهب” يكشف طبيعة الغرب الأنانية والاستغلالية” .
وتجدر الإشارة إلى أزمة الغذاء العالمية المتفاقمة جزئياً تعود إلى تكثيف الغرب الصراع بين روسيا وأوكرانيا. فمن وجهة نظر الدول الغربية فإن ما يقومون به سيمكن أوكرانيا من تحقيق ربح اقتصادي أكبر، ولذا تأمل بعض الدول الغربية أن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الحرب حتى تخسر روسيا.
وفي وقت تدعو بعض الدول الغربية إلى “تحرير” القمح الأوكراني، تواصل شحن الأسلحة إلى أوكرانيا. وعلى سبيل المثال، أعلن جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا، الدولة المدافعة عن ” تحرير القمح الأوكراني”، عن أسلحة ومعدات جديدة لأوكرانيا بعد زيارة قام بها الى كييف في 8 أيار الجاري.
إن سياسة “إدخال الأسلحة، وإخراج القمح” تثبت مدى نفاق الغرب الساعي وراء تحقيق مكاسبه الخاصة وإرضاء نفسه على حساب الآخرين، وما حدث لأوكرانيا التي تلعب دور الوكيل الغربي في حربها المستمرة مع روسيا، يثبت ذلك.
يزعم الغرب أنه يدعم أوكرانيا ويتعاطف معها ، لكن أفعاله تضر الدولة الواقعة في شرق أوروبا في تجاهل لحياة الأوكرانيين. لذلك يجب حل مشكلة صادرات الحبوب الأوكرانية بشكل عاجل من قبل المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة. وباعتبارها البادئ والمحفز للصراع الروسي الأوكراني ، فإن بعض الدول الغربية ليست مؤهلة للقيام بذلك وبدلاً من الحث على ” تحرير القمح الأوكراني “، يجب أن تركز على كيفية إنهاء الحرب بشكل تام في أسرع وقت ممكن حتى تتوقف العواقب الشريرة لأفعالهم وتصرفاتهم عن إلحاق الضرر بالعالم.