الوقت يداهم “التربية”..!.
حسن النابلسي
من المؤسف حقاً عدم إتمام مناهج الصفوف الانتقالية ولاسيما “الثامن والحادي عشر” السابقة لمرحلة الشهادتين “التعليم الأساسي والثانوية العامة”، فإذا علمنا أن عديد المدارس اقتصرت في تنفيذ خطتها للمواد العلمية على وحدتين أو ثلاث وحدات درسية، فكيف سيكون حال الطلاب في مرحلة الشهادتين، ولاسيما أن المواد العلمية فيها مستندة على نظيراتها السابقة في الصفوف الانتقالية أي أنهم سيكونون أمام فجوة يصعب ردمها، ما ينعش بالتالي الدروس الخصوصية لتعويض الفاقد..!.
ما يزيد طين هذا المشهد بِلّةً هو تقصير وزارة التربية عموماً، والمدارس العامة خصوصاً، بتعويض الفاقد التعليمي المتمخض عن إغلاق المدارس خلال العامين الماضيين بسبب كورونا قبل الموعد المحدد بأشهر، ما أثر بالتالي على مستوى الطلاب عموماً واضطرار ذويهم من ميسوري الحال إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية..!.
إن الاستثمار بالبشر هو الاستثمار الحقيقي، ولا يمكن لأي عملية استثمارية أن تحقق جدواها المطلوب دون الاشتغال على مخرجات التربية أولاً والتعليم ثانياً، اللذين نعتقد أنهما في أسوأ حالاتهما، ما ينذر ليس فقط بتراجع الكفاءات التعليمية، بل باتساع رقعة التراجع الأخلاقي وما يفرزه عادة من ارتكابات تؤدي بنهاية المطاف إلى انهيار القيم المجتمعية..!.
ينذر واقع الحال أننا أمام جيل متصدع تربوياً وتعليمياً، والسبب بكل بساطة شبه انعدام المتابعة لواقع العملية التربوية، سواء لجهة عدد المدرسين اللازم لإتمام المنهاج، أم لسوء الإداء، أم لاكتظاظ الشعب الصفية وانعكاس ذلك على استيعاب الطالب، هذا فضلاً عن ممارسات الطلاب غير التربوية في بعض المدارس نتيجة غياب المتابعة أيضاً..!.
خلاصة القول: ربما لا يختلف اثنان على أنه مهما بلغت قيمة فاتورة تدعيم البنية التربوية والتعليمية، ستكون أقل من نظيرتها الموجهة للإصلاح المجتمعي من جهة، ومحاولات استدراك تأزم الواقع الاقتصادي والمعيشي من جهة أخرى في منظور قد لا يكون بعيداً.. ولعلّ أّس عمل وزارة التربية والذي لا يخرج عن سياق “الرسائل السامية”، يحتم عدم ادخار أي جهد لإنقاذ جيل يعوّل عليه أن يكون الربان القادر على ضبط بوصلة بلد اكتوى بلهيب أزمة غير مسبوقة، باتجاه التنمية الحقة على الصعد كافة.. مع الإشارة إلى أننا في سباق حقيقي مع الوقت..!
hasanla@yahoo.com