دراساتصحيفة البعث

عنف السلاح “علامة سوداء” في المجتمع الأمريكي

عناية ناصر

طالب حشد من المواطنين الأمريكيين الذين عانوا من العنف المسلح الرئيس الأمريكي جو بايدن القيام بإجراءات فورية وحاسمة للسيطرة على السلاح أثناء زيارته لعائلات ضحايا إطلاق النار في مدرسة روب الابتدائية في أوفالدي بولاية تكساس.

ويأتي هذا الغضب نتيجة استمرار حوادث إطلاق النار في عدة ولايات أمريكية بشكل كبير، فقبل أسبوع، قُتل 19 طالباً ومعلمان في حادث إطلاق نار في مدرسة، مما دفع بعض وسائل الإعلام الأمريكية إلى طرح سؤال “أي نوع من الدول المتحضرة هي الولايات المتحدة إذا لم تستطع حماية أطفالها؟”.

لقد كان إطلاق النار في مدرسة روب الابتدائية هو إطلاق النار رقم 137 في مدارس الولايات المتحدة حتى الآن هذا العام، والذي يعتبر واحداً من أسوأ ثلاثة حوادث إطلاق نار في المدارس على مدار العقد الماضي. فقد أسفر إطلاق النار عام 2012 في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في نيوتاون، كونيتيكت، عن مقتل 26 شخصاً، كما تسبّب إطلاق النار عام 2018 في مدرسة ستونمان دوغلاس الثانوية في باركلاند بولاية فلوريدا، بإصابة 17 شخصاً.

لقد تسبّب العنف المسلح بألم شديد لأسر الضحايا، إلا أنه لم يزعج ضمير السياسيين الأمريكيين الذين يتحدثون دائماً عن الديمقراطية، وحقوق الإنسان. وباعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم، لم تتمكّن الولايات المتحدة من حماية أطفالها لفترة طويلة، فـ”حقوق الإنسان” التي يتحدث عنها السياسيون الأمريكيون لا تشمل الفئات الضعيفة، ولكن فقط جماعات المصالح التي تقف وراء البنادق.

تمثل الولايات المتحدة 4 في المائة من سكان العالم، لكنها تمتلك أكثر من 400 مليون بندقية، أي نحو 46 في المائة من إجمالي عدد الأسلحة النارية الخاصة في العالم، ويعتبر عنف السلاح مرضاً مزمناً في المجتمع الأمريكي، وهو نتيجة لتدهور الأمن العام، واشتداد الصراعات العرقية، والعنف في تطبيق القانون. فأرقام الضحايا صادمة، لكنها لا تغيّر شيئاً، لأن قوانين ولوائح مراقبة الأسلحة في الولايات المتحدة فضفاضة للغاية، ولا عجب أن يقول الناس إنه من الأسهل شراء سلاح من شراء الغذاء في الولايات المتحدة.

لقد حوّلت عمليات إطلاق النار الجماعية ثقافة السلاح في أمريكا إلى ثقافة قتل، ولم تكن اللوائح التنظيمية كافية على الإطلاق لمنع تفشي العنف المسلح في الولايات المتحدة. وبعد كلّ مأساة إطلاق نار جماعي، يستجيب السياسيون الأمريكيون بثلاثة طقوس هي الصلاة والعزاء وإلقاء الخطب. فهم لا يريدون خسارة أصواتهم في الانتخابات، ولا يمكنهم حلّ الخلافات بين بعض الحكومات المحلية والفيدرالية حول هذه القضية. ويجب عدم إغفال المصالح المتشابكة لمصنّعي الأسلحة الأمريكيين والدائرة السياسية. ولهذا السبب أصبح عنف السلاح “علامة سوداء” في المجتمع الأمريكي. وبشكل لا يصدق، بعد ثلاثة أيام فقط على حادثة إطلاق النار في مدرسة روب الابتدائية، عقدت الجمعية الوطنية للبنادق اجتماعها السنوي في هيوستن، على بعد أربع ساعات من مكان الحادث. وقالت في بيان لها إن إطلاق النار الأخير في المدرسة كان من عمل مجرم معزول ومختل عقلياً.