رغم ضغوط 60 عاماً.. مازالت كوبا حية وبكامل حيويتها
ترجمة: عائدة أسعد
لاتزال الولايات المتحدة تعيش في وهم أن العالم يتمحور حولها، وأن قواعدها ومصالحها تعلو على مصالح بقية العالم، لكن التحرك ضد الاتجاه التاريخي لن يؤدي إلا إلى نتائج عكسية، فالعقوبات الأمريكية المفروضة من “موقع قوة” لم تجلب لنفسها سوى العار.
لقد تبنت الولايات المتحدة كل الوسائل الرئيسية المتاحة، بما في ذلك حظر الواردات إلى كوبا أو عبرها، وكذلك حظر الصادرات الأمريكية وسفر المواطنين الأمريكيين إلى كوبا، وكانت مذكرة وزارة الخارجية التي رفعت عنها السرية في عام 1960 واضحة بشأن نية الولايات المتحدة الحقيقية، وهي إحداث الجوع واليأس، وفي نهاية المطاف الإطاحة بالحكومة، لكن الحكومة الكوبية التي حاولت الولايات المتحدة تخريبها مازالت حية وبصحة جيدة بعد 60 عاماً.
لايزال الحصار المفروض على كوبا قائماً رغم المعارضة الدولية، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات 29 مرة متتالية دعت فيها بأغلبية ساحقة الولايات المتحدة إلى إنهاء الحظر، لقد قدرت الحكومة الكوبية والأمم المتحدة أن الحصار كلّف الاقتصاد الكوبي 130 مليار دولار على مدار 60 عاماً، ففي عام 2020 وحده بلغت الخسارة 9.1 مليون دولار، ومن المؤكد أن الرقم ارتفع وسط الوباء.
صحيح أن الفيروس لا يعرف حدوداً، لكن العقوبات الأمريكية تفعل ذلك، حيث قطعت الإمدادات الطبية عن الكوبيين من الخارج، وحذر المقررون في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2020 من أنه في حالة الطوارئ الوبائية قد يؤدي عدم إرادة الحكومة الأمريكية لتعليق العقوبات إلى زيادة مخاطر حدوث مثل هذه المعاناة في كوبا والبلدان الأخرى المستهدفة بالعقوبات، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى رفع العقوبات التي يمكن أن تقوض قدرة البلدان على الاستجابة للوباء، كما دعت منظمة الصحة العالمية إلى تكثيف التعاون على جميع المستويات لاحتواء جائحة كوفيد -19 والسيطرة عليها، والتخفيف من حدتها بروح الوحدة والتضامن.
وكالعادة، فإن الولايات المتحدة أصمت آذانها تجاه كل تلك الأصوات، ولكن بالنسبة لكوبا عزز تقاعس الولايات المتحدة واللامبالاة اقتناعها بالاعتماد على الذات والتنمية الذاتية، فعندما لم تتمكن الإمدادات الطبية من الوصول إلى شواطئ كوبا، أنتجت الدولة الكاريبية اللقاحات الخاصة بها، وتم تطعيم أكثر من 89.8 في المئة من السكان بشكل كامل، بما في ذلك جميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وما فوق.
إن الدولتين منفصلتان بالمياه، وعالمان منفصلان عن بعضهما البعض، لكن الأمر يتعلق بإدراك ما يحتاجه الناس، وتضامناً مع كوبا واستيائها من الممارسات الأمريكية، وإذا كانت الولايات المتحدة تريد حقاً إنشاء طريق في الأمريكيتين، فيجب عليها إزالة جميع العقبات التي تحول دون بقاء الإنسان الأساسي وتطوره، وإلا ستجد أن الطريق التي مهدتها للهيمنة لا تؤدي إلا إلى طريق مسدود.