دراساتصحيفة البعث

لاجئو أوكرانيا.. أوروبا تستشعر العبء

عناية ناصر

فتحت الدول الأوروبية أبوابها أمام اللاجئين من أوكرانيا، وبعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر، بدأت تلك الدول تواجه تحدي أكبر أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تشير التقديرات بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد اللاجئين تجاوز 6.5 ملايين لاجئ.

في البداية رحب الاتحاد الأوروبي باللاجئين الأوكرانيين، واعتمد خطة طوارئ في أوائل شهر آذار الماضي تسمح لهم بدخول دوله الأعضاء السبع والعشرين دون تأشيرات، كما منحهم الحق في العيش والعمل في الاتحاد الأوروبي لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، ولاتزال بولندا الوجهة الرئيسية للاجئين، حيث وصل إليها أكثر من 3 ملايين، وقالت المتحدثة باسم المفوضية، أولغا سارادو: إن عدد الوافدين تباطأ إلى حوالي 20 ألف شخص في اليوم الشهر الماضي، مقارنة بأكثر من 100 ألف في أوائل شهر آذار الماضي، كما استقبلت دول مجاورة أخرى العديد من اللاجئين، حيث استضافت كل من روسيا ورومانيا ما يقرب من مليون شخص، واستقبلت المجر ما يقرب من 700 ألف، ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن أكبر عدد من اللاجئين الأوكرانيين في البلدان غير المجاورة موجود في ألمانيا، وجمهورية التشيك، وايطاليا.

تواجه الدول الأوروبية تحديات متزايدة في محاولتها تقديم مساعدة طويلة الأجل للاجئين، فقد أفاد تقرير لوكالة رويترز أن تعداد سكان مدينة رزيسزو البولندية البالغ عددهم 200 ألف نسمة زاد بنسبة تصل إلى 50 في المئة على مدى ثلاثة أشهر، وفي هذا الشأن دعا وزراء مالية 10 دول أوروبية، بما في ذلك بولندا وبلغاريا وجمهورية التشيك، الاتحاد الأوروبي إلى تقديم المزيد من التمويل وقواعد إنفاق أكثر مرونة لاستضافة اللاجئين الأوكرانيين، وفقاً لصحيفة “بوليتيكو”.

وقال وزراء المالية: “إن الاتحاد الأوروبي يواجه تحدياً غير مسبوق بسبب الصراع، وإن اللاجئين يشكّلون عبئاً ثقيلاً على نظام الضمان الاجتماعي للدول العشر”، ونتيجة لذلك سحبت بولندا بعض المزايا الخاصة التي كانت تقدمها للاجئين الأوكرانيين، بما في ذلك المدفوعات للأسر التي تستضيفهم، والاستخدام المجاني لوسائل النقل العام، كما سمح قانون خاص صدر في آذار الماضي للأشخاص الذين أخذوا لاجئين إلى منازلهم بتلقي مبالغ يومية تبلغ حوالي 9 دولارات، ولن تكون هذه الميزة متاحة أيضاً.

قال تشانغ ليهوا، الأستاذ في قسم العلاقات الدولية ومدير مركز العلاقات الصينية الأوروبية بجامعة تسينغهوا في بكين: “من حيث الموقع الجغرافي، فإن الدول الأوروبية المتاخمة لأوكرانيا، مثل بولندا ورومانيا، هي المتضرر الأكبر من أزمة اللاجئين، فتلك الدول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولكن لأسباب تاريخية مختلفة، فإن تنميتها الاقتصادية متراجعة قياساً إلى باقي أعضاء ​​الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الصعوبات في استضافة اللاجئين ومساعدتهم على الاستقرار”، ووفقاً لتقديرات مركز أبحاث “بروجل” في بروكسل، يمكن أن تكلّف استضافة اللاجئين الأوكرانيين دول الاتحاد الأوروبي 43 مليار يورو (46 مليار دولار) هذا العام، وتمثّل هذه التكلفة حوالي ربع الميزانية الإجمالية للاتحاد الأوروبي لهذا العام التي تم تحديدها بمبلغ 171.8 مليار يورو، ومن المرجح أن تزداد مع دخول المزيد من اللاجئين إلى الكتلة الأوروبية.

ولتحقيق التوازن بين قبول اللاجئين الأوكرانيين والحفاظ على الضمان الاجتماعي الخاص بهم، اعتمدت دول في أوروبا، بما في ذلك ألمانيا، قيوداً مماثلة، وقال تيان ديوين، نائب مدير معهد الدراسات الروسية وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية: لقد أعربت البلدان في وسط وشرق أوروبا عن معارضتها القوية لبرنامج الاتحاد الأوروبي لاستقبال اللاجئين منذ بداية أزمة اللاجئين عام 2015، حيث أغلقت العديد من الدول الأوروبية أبوابها في وجه اللاجئين السوريين، وكذلك أولئك الذين فروا من أفغانستان العام الماضي، وأضاف تيان: “نظراً لأن المزيد من دول الاتحاد الأوروبي تواجه تحديات في استضافة اللاجئين الأوكرانيين، فقد يتبنى المجتمع ككل بشكل تدريجي وجهة نظر أكثر سلبية تجاه الأوكرانيين المقيمين لفترة طويلة، ومن الصعب ضمان استمرار الجهود المنسقة لقبول الأوكرانيين”.