كفّوا عن نغمة “فتح الاستيراد على مصراعيه”!
حسن النابلسي
يستمر بعض أعضاء غرفة تجارة دمشق بعزف نغمة “فتح باب الاستيراد على مصراعيه” نائين بأنفسهم عن واقع ارتفاع الأسعار، ودون أن يكلّفوا خاطرهم – ولو بالتصريحات الشكلية – مراعاة الوضع المعيشي، وأكثر من ذلك يتحفوننا بتأكيدهم على توفر المواد كافة، ولكن بأسعار مرتفعة لا تواكب القدرة الشرائية للمستهلك!.
نعتقد أن ما يحاول هؤلاء تمريره من هكذا تصريحات إعلامية حول هذا الموضوع بالذات يأتي ضمن سياق سياسة متفق عليها، لاسيما الكبار منهم (والمقصود بمصطلح كبار هنا هم المتنفذون)، يبغون من خلاله فتح باب الاستيراد على مصراعيه بذريعة أن الاستيراد كفيل بتحقيق عامل المنافسة، وبالتالي تخفيض الأسعار!.
إن مثل هؤلاء التجار، بهذه الحالة، لا يؤمنون بالجانب التنموي القائم على الإنتاج بالدرجة الأولى، علماً أنه السبيل الأنجع لتثبيت سعر الصرف، وتأمين الاحتياج المحلي من السلع، وبالتالي تعزيز القدرة الشرائية، ولا يؤمنون كذلك بأن التجارة بالنهاية هي ربح وخسارة، بل يؤمنون بتضخيم ثرواتهم بغض النظر عن تداعيات ذلك على المستهلك، وما يعانيه وضعه المعيشي من تدهور غير مسبوق!.
من المسوغات الجدية التي يدأب بعض أعضاء الغرفة، والمتحدثين باسمها، هذه الأيام، على تسويقها، في محاولة منها لتبرئة أنفسهم مما ينتاب الأسواق من فوضى سعرية وندرة المواد واحتكارها.. إلخ، ما يتمثل بالحديث عن ارتفاع أجور العمال والنقل، بعد أن كانوا يسارعون في وقت سابق إلى رمي الكرة بملعب أصحاب المحال التجارية الصغيرة المنتشرة في الأحياء النائية وبعض الأسواق الرئيسية، وتتهمهم بأنهم المسؤولون المباشرون عن ارتفاع الأسعار، واحتكار المواد الأساسية، لاسيما الزيت والسكر والرز!.
أما كان الأجدر تحمّل المسؤولية التي نعتقد أن ما يتصدرها في هذه المرحلة بالذات تقوية علاقات الغرفة مع نظيراتها في عديد الدول واستثمارها لتوسيع آفاق العمل المشترك، سواء لجهة فتح أسواق جديدة للتصدير، أو لجهة تأمين مستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي التي لا يوجد لها نظير محلي، أم أن هذا الأمر خارج الأجندة المنصبة في الوقت الراهن على عدم إلزام التجار بتسجيل عمالهم بالتأمينات الاجتماعية؟!
إن الأداء السلبي، وانعدام التعاطي مع الجانب الاجتماعي، وتصدر بعض المنتفعين للمشهد يسيء إلى أدبيات التجارة السورية ذات التاريخ العريق، ما يتطلب من الجميع الوقوف عند مسؤولياتهم الوطنية والاجتماعية في هذه اللحظات الحرجة، لا أن يبقى تمرير مصالح شخصية هنا، ومنافع ذاتية هناك، سيّد الموقف!
hasanla@yahoo.com