دراساتصحيفة البعث

نفط سورية المسروق تحجبه حرب أوكرانيا

تقرير: سمر سامي السمارة

أدركت قلة من المراقبين الذين يواصلون الإعراب عن قلقهم بسبب السياسة الخارجية للولايات المتحدة في عهد الرئيس جو بايدن، كيف يتم استغلال الوضع في أوكرانيا كغطاء للتدخلات في أجزاء أخرى من العالم. فقد كشفت تقارير صدرت مؤخراً، أن إدارة بايدن قررت إعادة نشر قواتها في الصومال، على الرغم من أن الرئيس بايدن لا يتمتع بسلطة دستورية لإرسال قواته أو إلقاء قنابل على الصومال،  كما أن “حركة الشباب” التي تدعي الولايات المتحدة مكافحتها لا تمثل تهديداً للأمريكيين أو للمصالح الأمريكية.

من المؤكد أن التركيز على أوكرانيا له مبرراته، لأن الوضع خطير للغاية ويمكن أن يؤدي إلى دمار نووي في حال استمر تدخل الولايات المتحدة في مساره الحالي. وبحسب مصادر الحكومة الأوكرانية، تستعد الولايات المتحدة الآن لتدمير الأسطول الروسي في البحر الأسود لإنهاء الحصار المفروض على موانئ أوكرانيا، وهي خطوة يمكن أن تكون كافية لبدء حرب عالمية ثالثة.

لكن من الواضح أيضاً، أن الولايات المتحدة تتعمد التركيز على أوكرانيا عبر وسائل إعلامها الرئيسية، فضلاً عن سيل التشويش المربك الذي يصدر عن البيت الأبيض، لحجب ما يجري في مناطق أخرى من العالم.

إذ تستمر في الوقت نفسه، بسرقة النفط السوري وفرض العقوبات الجائرة على الشعب السوري، كما تخطط واشنطن لإنشاء منطقة “حكم ذاتي” في الجزيرة السورية، الأمر الذي كشفته مساعدة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند في مؤتمر عقد مؤخراً في المغرب.

وهنا لابد لنا من الإشارة إلى أن، نولاند التي كانت القوة الدافعة وراء تغيير النظام في أوكرانيا عام 2014، وصفت محاولات التقسيم في سورية، ومحاولات إعادة هيكلة المنطقة بأنها نشاط “استقرار”، حيث ستضم المناطق التي تتواجد فيها آبار النفط، والتي يتم استغلالها حالياً من قبل واشنطن و “حلفائها”، بالإضافة إلى جزء كبير من الأراضي الصالحة للزراعة في البلاد.

طبقت واشنطن بالفعل عقوبات جائرة غير مسبوقة على المناطق التي تم تحريرها من الإرهابيين، لتشمل ما يسمى عقوبات قانون “قيصر” في سورية، والذي يعاقب أي شخص يحاول تجنب القيود التي تفرضها واشنطن، حيث عبر السفير الأمريكي السابق في سورية جيمس جيفري عن الأمر على النحو التالي: “بالطبع، قمنا بتصعيد الضغط لعزل الحكومة السورية، وتمسكنا بوقف المساعدات الدولية لإعادة الإعمار، بالرغم من أن البلاد في أمس الحاجة إليها. لذلك، لقد كانت استراتيجية فعالة للغاية …. ” وأضاف أيضاً: “وظيفتي هي أن أجعلها مستنقعاً للروس”.

تعمل الولايات المتحدة بهدف الالتفاف على العقوبات الحالية، على منح المناطق التي تسيطر عليها العصابات الإرهابية الجدوى الاقتصادية من خلال رفع العقوبات عنها، وتحفيز الاستثمار الأجنبي وتطوير المناطق التي تسكنها الفصائل المرتبطة بالولايات المتحدة.

كما ستعمل على إصدار “التراخيص العامة” لتسهيل الاستثمار والأنشطة الاقتصادية الأخرى، حيث ستخصص الولايات المتحدة 350 مليون دولار لدعم هذا المشروع، الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع السلطات التركية التي تسيطر ميليشياتها على طول الحدود.

ومن خلال تأمين الجزيرة السورية، تسعى واشنطن للحفاظ على قاعدة التنف العسكرية الأمريكية غير الشرعية، وحمايتها في جنوب شرق البلاد المتاخمة للأردن. إذ تمنع قاعدة التنف إنشاء “محور المقاومة” المتجاور من إيران إلى لبنان ثم إلى فلسطين في نهاية المطاف، وبالتالي الحفاظ على “الأمن الإسرائيلي” في المنطقة. كما هو الحال في كثير من الأحيان، تأتي المصالح الإسرائيلية دائماً في المرتبة الأولى في أذهان السياسيين في واشنطن.