أخبارصحيفة البعث

الرؤوس الغربية الحامية بدأت تبرد.. بوريل: سيتعيّن على أوروبا التعايش مع روسيا

البعث – وكالات:

يبدو أن الرؤوس الحامية في الغرب الرأسمالي بدأت تبرد تدريجياً على وقع الانتصارات الروسية المتتالية في الميدان، حيث بدأت العواصم الغربية تقرّ بهزيمتها في مواجهة روسيا، وراح المسؤولون الغربيون يعبّرون عن خيبة أملهم من  أن العقوبات الغربية غير المسبوقة التي فُرضت على روسيا لم تفلح في إضعافها، بل على العكس من ذلك أصبح هؤلاء المسؤولون يتحدّثون عن هزيمة استراتيجية لهم، وعن وصول الواقع الجيوسياسي في أوروبا والعالم إلى مرحلة خطيرة بعد أن تأكد لديهم الانتصار الروسي على كل المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية.

وفي هذا الإطار، قال جوزيب بوريل، رئيس الدبلوماسية الأوروبية: سيتعيّن على أوروبا التعايش مع روسيا بعد انتهاء الصراع في أوكرانيا، لذلك يجب بذل كل الجهود للحفاظ على الحوار مع موسكو.

وأضاف بوريل، لصحيفة لو جورنال دو ديمانش، “ستستمر روسيا في الوجود، ومن المهم أن نحدّد بوضوح كيف نعتزم التعايش معها. سيكون الأمر صعباً للغاية، لكن يجب علينا التفاعل مع الروس في هذه القارة. من الضروري مواصلة الحديث مع روسيا”.

كذلك أشار بوريل إلى انفتاح قنوات الاتصال مع روسيا، مذكراً برحلات المستشار النمساوي كارل نهامر إلى موسكو في نيسان، وكذلك رئيس الاتحاد الإفريقي، ماكي سال، إلى سوتشي في أوائل حزيران.

بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لبوريل، يوجد ممثلان للأمين العام للأمم المتحدة في روسيا، في محاولة لحل مشكلة تصدير الحبوب الأوكرانية.

وفي وقت سابق، قال الرئيس الفرنسي ماكرون، متحدّثاً عن ضرورة الحفاظ على الاتصال المستمر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: إنه “لا يمكن إذلال روسيا حتى في اليوم الذي تتوقف فيه الأعمال العدائية، يمكننا إيجاد مخرج بمساعدة الدبلوماسية”.

جاء ذلك بينما قال وزير الخارجية الليتواني غابريليوس لاندسبيرجيس لمجلة “فورين بوليسي”: إن نجاح الجيش الروسي في العملية الخاصة في أوكرانيا “مخيّب للآمال”.

وأوضح الدبلوماسي الليتواني حسب الموقع أن الأحداث الأخيرة تجعل فرص “هزيمة” روسيا متدنية.

وقال لاندسبيرجيس: “جزء من المعلومات التي نتلقاها يبدو مخيّباً للآمال إلى حدّ كبير، يواصل الروس إظهار التقدم أو أن الأوكرانيين غير قادرين على الحفاظ على خط اتصال مستقر. لذا فإن فرص عدم خسارة روسيا ما زالت مرتفعة”.

وشدّد وزير الخارجية الليتواني على “أنهم قادرون على تحمّل ذلك، وإذا كان بإمكانهم تحمّل الضغط على المدى الطويل، فهذا يعني أننا في مرحلة خطيرة للغاية من الواقع الجيوسياسي”.

إلى ذلك، قالت الخبيرة الاقتصادية التشيكية، إيلونا شفيغليكوفا، في مقال نشرته صحيفة “Časopis argument”: إن العقوبات الأوروبية تجعل روسيا سعيدة بالوضع في سوق الطاقة، على عكس الدول الأوروبية.

وأوضحت الخبيرة أن العقوبات الغربية ستجعل روسيا في وضع مريح في سوق الطاقة، حيث ستكون قادرة على الحصول على دخل إضافي بفضل ارتفاع أسعار الوقود.

وأشارت إلى أن الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على النفط الذي تبيعه روسيا يؤثر بشكل كبير في الوضع في الاتحاد الأوروبي نفسه.

وكتبت شفيغليكوفا: “إن حظر النفط مناورة ستكون لها عواقب وخيمة على الاتحاد الأوروبي. في رأيي ستكون أسوأ بكثير بالنسبة للاتحاد الأوروبي منها بالنسبة لروسيا، التي ستجد بسهولة أسواقاً بديلة”.

وأشارت الخبيرة الاقتصادية إلى أن الاتحاد الأوروبي، وبدوافع أيديولوجية، يرفع سعر النفط لنفسه، وفي الوقت نفسه المنطقة الأوروبية فقيرة من حيث احتياطيات المواد الخام، وتعتمد دولها على الاستيراد.

وقالت: “في الوقت الذي سيلهث فيه الاتحاد الأوروبي للبحث عن إمدادات جديدة ويعاني من الانقطاعات وكل ما يتعلق به، فستتمتع روسيا بأسعار النفط المرتفعة. وحتى إذا كان عليها بيع نفطها ببعض التخفيضات، فستظل الأسعار أكثر ربحية بالنسبة لها”.

وأضافت: “الاعتقاد بأن مثل هذه السياسة ستؤدّي إلى انهيار روسيا الاتحادية هو أمر سخيف، وعلى الأرجح لن يؤدّي إلا إلى مزيد من الصعوبات الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي”

وأكد ذلك ما جاء في تقرير صادر عن مركز البحوث حول الطاقة والهواء النظيف الذي يتخذ من فنلندا مقرّاً له، من أن روسيا حققت خلال الأيام المئة الأولى من العملية العسكرية في أوكرانيا عائدات قدرها 93 مليار يورو من صادرات الطاقة الأحفورية ولا سيما إلى الاتحاد الأوروبي.

وشكّل الاتحاد الأوروبي حسب التقرير 61% من صادرات الطاقة الأحفورية الروسية، أي ما يقارب 57 مليار يورو، خلال الأيام المئة الأولى من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بين 24 شباط و3 حزيران.

والدول المستوردة الكبرى كانت الصين (12.6 مليار يورو) وألمانيا (12.1 ملياراً) وإيطاليا (7.6 مليارات).

ومصدر العائدات الأول لروسيا هو النفط الخام (46 ملياراً) يليه الغاز الذي يصدّر عبر خطوط الأنابيب (24 ملياراً) ثم المشتقات النفطية والغاز الطبيعي المسال وأخيراً الفحم.

وتظهر الأرقام أن عائدات روسيا لم تنقطع حتى مع تراجع الصادرات في أيار، وعلى الرغم من أن روسيا مضطرة إلى بيع إنتاجها بأسعار مخفضة في الأسواق الدولية، إذ إنها استفادت من ارتفاع اسعار الطاقة في العالم.

وإن كانت بعض الدول مثل بولندا وفنلندا ودول البلطيق تبذل جهوداً كبيرة لخفض وارداتها، فإن دولاً أخرى زادت مشترياتها ومن بينها الصين والهند والإمارات العربية المتحدة وكذلك فرنسا، حسب المركز.

وقال المحلل لدى المركز لاوري ميليفيرتا: “في حين يبحث الاتحاد الأوروبي تشديد العقوبات على روسيا، زادت فرنسا وارداتها لتصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال الروسي في العالم”.

وأوضح الخبير أن عمليات الشراء تتم نقداً وليس في إطار عقود بعيدة المدى، ما يعني أن فرنسا قررت عمداً التزوّد بالطاقة الروسية رغم العملية العسكرية في أوكرانيا.

وأضاف: “يجب أن تكون أفعال فرنسا مطابقة لأقوالها إن كانت تدعم حقاً أوكرانيا، عليها أن تفرض حالاً حظراً على مصادر الطاقة الأحفورية الروسية وتطوّر بسرعة الطاقات النظيفة وحلولاً تؤمّن كفاءة استخدام الطاقة”.