منظمة التجارة ليست لأمريكا وحدها
هناء شروف
ترتبط الصعوبات التي تواجه منظمة التجارة العالمية بشكل كبير بالحمائية التجارية، والنزعة الأحادية، والعرقلة التي تمارسها الولايات المتحدة، على الرغم من الادعاء بأنها مؤيد ثابت لنظام التجارة متعدد الأطراف القائم على القواعد الذي تحكمه منظمة التجارة العالمية، إلا أن شعار “أمريكا أولاً” الذي روّجت له الإدارة الأمريكية السابقة يشير إلى الكيفية التي تتوقع أن يعمل بها هذا النظام.
ومع قضم العولمة لبعض الامتيازات التي تتمتع بها الولايات المتحدة، بدأت بانتهاك قواعد منظمة التجارة العالمية، ورفضت الالتزام بأحكام التحكيم، ما أدى في النهاية إلى إغلاق هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية التي تعمل كمحكمة عليا للتجارة الدولية.
وأعربت الولايات المتحدة عن استيائها من منظمة التجارة العالمية من خلال الادعاء بأن الصين قد استفادت من الثغرات في قواعد التجارة، واتهمت الصين بعرقلة مصالح الولايات المتحدة في التعاون التجاري والاقتصادي، بل إن البعض في الولايات المتحدة يتهمون الصين باستغلال منظمة التجارة العالمية من خلال الاستفادة من آلية النزاع الخاصة بها، ومع ذلك فإن أولئك الذين يقدمون مثل هذه الادعاءات غضّوا الطرف عن حقيقة أن الصين تساهم بـ 30 في المئة من النمو العالمي منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، كما تجاهلوا أيضاً حقيقة أن الشركات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة قد استفادت بشكل كبير من تنمية الصين، وكذلك الأمر بالنسبة للشعب الأمريكي الذي كان مستهلكاً متحمساً للسلع المصنوعة في الصين.
وعلى الرغم من حقيقة أن الولايات المتحدة لعبت دوراً رئيسياً في إنشاء منظمة التجارة العالمية، إلا أن ما تريده ليس قواعد تجارية عادلة، وآلية للتعاون الاقتصادي المربح للجانبين، بل تريد إعادة تشكيل نظام التجارة العالمي حسب أهوائها، ولكن من الواضح أنها لن تستطيع تغيير ذلك.