معمل تصنيع عصائر الحمضيات ينأى عن الأولويات بسبب التخمة في المعوقات والعقبات..!
اللاذقية- مروان حويجة
لطالما لم تخرج فكرة إنشاء معمل تصنيع العصائر الطبيعية في اللاذقية من عنق الزجاجة، رغم مرور سنوات طويلة على طرحها كأحد الحلول لمعالجة مشكلة كساد فائض محصول الحمضيات وتدني مردوده على المزارعين والمنتجين، ولاسيما في ظل الظروف الراهنة التي انحسرت معها المنافذ التصديرية والأسواق الخارجية، فيمكن التعويل كثيراً على الحلول التشاركية التي تركّز عليها وزارة الصناعة في التعاطي مع الصعوبات التي تواجه القطاع الصناعي. تشاركية توقّف عندها مرّات عديدة وزير الصناعة خلال زيارته مؤخراً إلى محافظة اللاذقية، مؤكّداً أنه لا وجود لطرفين أو فريقين وإنما فريق واحد في القطاع الصناعي يجمع الجانب الحكومي والفعاليات الصناعية على حدّ سواء، وعلى هذا الأساس جاءت جولة الوزير إلى عدد من المنشآت الصناعية الخاصة في المحافظة إلى جانب منشآت القطاع العام، ومنها منشآت خاصة لتصنيع العصائر الطبيعية.
الوزير استوضح بشكل مفصّل عن واقع العمل وطبيعته واحتياجاته وصعوباته “الكثيرة” والحلول “المستعصية” لمعالجتها، وهنا -تحديداً- يمكن أن تستوقفنا قضية تصنيع عصائر الحمضيات التي لا تزال موضع جدل واسع حول قابلية تحقيقها وجدوى اعتمادها، و-للأسف- هذا الجدل الدائر منذ سنوات لم يُحسم بعد على حساب تراكم الاختناقات التسويقية وتبديد القيمة الاقتصادية للمحصول وانعكاسها على خسارة المزارعين والمنتجين، فمن جانب الفلاحين المنتجين للمحصول لا يزال إنشاء معمل تصنيع العصائر على رأس قائمة مطالبهم لسنوات، وهذا ما يؤكد عليه رئيس اتحاد فلاحي محافظة اللاذقية أديب محفوظ الذي أشار إلى أن المعمل المنتظر يمكن أن يساهم في التخفيف كثيراً من العبء التسويقي عبر تصريف الأصناف العصيرية مثل البالنسيا والكريفون والبلدي وغيرها من أصناف عصيرية، معتبراً أن هناك أصنافاً يمكن أن يستجرها المعمل، بخلاف ما يتمّ تداوله حول قابلية الحمضيات المحلية لتصنيعها عصائر طبيعية. ورأى رئيس اتحاد فلاحي المحافظة أن أي خطوة من هذا القبيل تساعد على المعالجة التي تتطلّب التسويق المحلي والتصنيع والتسويق الخارجي بآن واحد.
مدير الصناعة في اللاذقية المهندس رامي كحيلة، أوضح أن تصنيع العصائر الطبيعية يندرج ضمن التصنيع الزراعي الذي يشكّل أولوية في التسهيلات الممنوحة ضمن خطة عمل مديرية الصناعة، حيث يتمّ دعم التوسّع بوحدات تصنيع عصائر الحمضيات، منوهاً بوجود أربع وحدات حالياً، منها اثنتان موضوعتان في التشغيل ومنشأة قيد الإقلاع والتشغيل فيما هناك منشأة متوقفة، مشيراً إلى أن وزارة الصناعة تقدم التسهيلات المتاحة الممكنة لمنشآت التصنيع الزراعي.
ولدى سؤال أحد أصحاب منشآت تصنيع العصائر في محافظة اللاذقية عن واقع عمل المنشأة، ومساهمتها في استجرار كميات من المحصول، لم يخفِ حجم الصعاب التي واجهت عمل المنشأة وأدّت إلى تراجع كبير في إنتاج العصائر، وصولاً إلى شبه التوقف عن تصنيع عصير الحمضيات، مرجعاً سبب ذلك إلى تدني الاستهلاك المحلي للعصائر الطبيعية وقلة الأصناف العصيرية القابلة للتصنيع، وارتفاع تكاليف الإنتاج ومستلزمات التصنيع ما ينعكس على سعر العبوة، وأوضح أن أي منشأة أياً كانت صغيرة أم كبيرة فإنها تعمل لأجل المردود وهامش الربح، ولهذا فإن منشأة تصنيع العصائر لا يمكنها تحقيق ذلك، مؤكداً أن المسألة ليست مسألة جدوى اقتصادية، لأن الجدوى الاقتصادية تعني أن هناك نسبة ربح وتوخي الجدوى بمؤشرات مردود، في حين أن هذا ليس بالضرورة أن يتوفر في تصنيع عصير الحمضيات، وأنه في معظم الأحيان هناك انعدام ربح إن لم يكن ربما خسارة إذا ما حسبنا قيمة المنشأة بمساحتها وآلاتها وتجهيزاتها وكادر العمل فيها واحتياجات التشغيل من محروقات وكهرباء وأيدٍ عاملة وأجور شحن ونقل وغيرها الكثير من الاحتياجات والمستلزمات الآخذة بالارتفاع المستمر.
أما المزارعون المنتجون للمحصول فإنهم يواجهون خيبات تسويقية بعناوين عديدة، منها التصنيعية التي لا تزال تخيّم على المحصول، لأن تصنيع الحمضيات ليس أكثر من مجرد وعود متكرّرة ومكرورة، وأشبه بمسكنات يتلقاها المزارع مع بدء كلّ موسم، حيث تعاود الجهات المعنية ضخ الوعود والتطمينات التسويقية من منافذ عدة، ومنها بوابة التصنيع للوصول إلى معالجة تسويقية تنهي معاناة المزارعين المنتجين، ولاسيما أن من بين التصورات المطروحة سابقاً في إقامة مشروع التصنيع إمكانية استجرار نسبة كبيرة من الإنتاج، ولكن أياً من ذلك لم يتحقق ولم يبصر النور!.