مشافي طرطوس بحاجة إلى عناية مشددة.. أجهزة معطّلة ونقص مزمن في الأدوية والطاقم الطبي!
تعاني المشافي والمراكز الصحية العامة في طرطوس من نقص واضح في الأدوية الإسعافية والأمراض المزمنة، وتعطّل بعض الأجهزة وتوقفها عن العمل لفترة طويلة، الأمر الذي يضاعف معاناة المرضى، حيث يضطر بعضهم للعلاج في المشافي الخاصة، وشراء الأدوية من الصيدليات بأسعار مرتفعة، ما يرتّب عليهم أعباء تزيد من فاتورة صبرهم على المرض ومستلزماته من أدوية وصور وتحاليل.
في ظل هذا الواقع الصحي، ثمة أسئلة تطرح نفسها، خاصة عندما نعلم أن وزارة الصحة ترصد سنوياً مليارات الليرات لدعم القطاع الصحي، فكيف يتم استجرار الأدوية؟ وما أسباب النقص؟ ولماذا تطول مدة تعطّل الأجهزة رغم حاجة المشافي لها؟ وماذا عن النقص في الكادر الطبي؟.
على نفقة المريض
معلومات “البعث” تفيد وتؤكد أن الكثير من الأدوية الإسعافية وغيرها مفقودة في المشافي الوطنية بالمحافظة، بدءاً بالإبر والشاش والسيروم إلى الجبيرة، وحتى المسكنات ومضادات الالتهاب، وأدوية الأمراض المزمنة، وأن جميع ما يحتاجه المريض لزوم شفائه يتم تأمين أغلبه على نفقته، فعلى سبيل المثال يتراوح سعر الجبيرة بين ١٥- ٣٠ ألف ليرة في المراكز الطبية الخاصة، وهنا يطالب المرضى بتأمين الجبيرة القديمة كون الجديدة غير متوفرة!.
لا يتوقف نقص الأدوية الإسعافية في المشافي، إنما يتعداها إلى المراكز الصحية المنتشرة على امتداد المحافظة التي كثيراً ما يأتيها مرضى بحاجة ماسة لأدوية لأمراضهم المزمنة، أو لأي نوع من الإبر التي تسعف حياة المريض “المنهك” بالآلام والأوجاع والانتظار دون جدوى!.
خط كهرباء ساخن
الحديث عن الأجهزة “خارج الخدمة” والمعطّلة والمتوقفة يحمل شجناً إضافياً للمريض وذويه، ويضاعف فاتورة نفقاته، حيث أكد أهالي منطقة القدموس وجود جهاز قوسي وآخر أشعة في المشفى يعملان على مولّدة واحدة، وبالتالي يحدث توقف لأحدهما، ما يؤدي بالكادر الطبي والتمريضي إلى الاعتذار من المرضى وتأجيل مطالبهم وحاجاتهم، كما أن جهاز التصوير الشعاعي بالمشفى قديم يخرج عن الخدمة مرات عديدة، علماً أنه يتم تصليحه بجهود ذاتية وبقطع غيار لا تناسبه، وهنا طالب الأهالي برفد المشفى بجهاز طبقي محوري، وتخصيص خط كهرباء للمشفى، فالمولّدات في ظل نقص بل شح المازوت لا جدوى منها، ما يؤثر على العمل بالمشفى.
شاهد من أهله
مدير مشفى القدموس الدكتور سليمان بدر، رداً على استفسارات “البعث” حول ما سبق، لم ينف أن توقف أحد الجهازين /القوسي، والأشعة/ عن العمل هو بسبب قلة المحروقات، وضعف الكهرباء، مشيراً إلى أن المولّدة الصغيرة قيد الإصلاح، وأن حملة مكافحة الكشف المبكر عن السرطان أجهدت جهاز التصوير الشعاعي، مؤكداً على مطلب الأهالي بضرورة تزويد المشفى بجهاز طبقي محوري نتيجة الحاجة الماسة له، وأنه يتم تحويل العديد من المرضى إلى مشافي الشيخ بدر أو بانياس أو مشفى الباسل نظراً لعدم القدرة على تشخيص حالتهم المرضية حين تعطّل الجهاز بشكل مستمر، كما أكد مدير المشفى على ضرورة تخصيص المشفى بخط كهرباء ساخن من أجل استمرار العمل فيه دون توقف، علماً أنه تمت المطالبة بذلك أكثر من مرة!.
وأشار بدر إلى المعاناة من نقص الأطباء بسبب هجرتهم، مشيراً إلى أن المشفى دون أطباء أشعة وداخلية وطبيب تخدير، وهذا الأخير ترك المشفى عندما أنهى إقامته. كما لم يخف مدير المشفى المعاناة من تأخر الاستجرار الوزاري للأدوية، موضحاً أن إدارة المشفى تسعى جاهدة لتأمين ما يلزم من أدوية إسعافية كونها متوفرة بالحد الأدنى من خلال التواصل مع الأيادي البيضاء من أهل الخير.
خارج الخدمة!
ليس مشفى الدريكيش الوطني بأفضل حال من مشفى القدموس، فهو الآخر يعاني، فجهاز الطبقي المحوري معطّل وخارج الخدمة منذ أكثر من عام، ولم تعد تنفع معه الصيانة الدورية، الأمر الذي يكبد المرضى تكاليف زائدة عندما يلجؤون للمخابر الخاصة، حيث تصل كلفة الصورة لحدود ٣٠٠ ألف ليرة، كما أن المصعد يخرج عن الخدمة بشكل دائم ومستمر، حيث يعمل فترة قصيرة ويعود ليتوقف عن العمل فترة طويلة، إضافة إلى تعطّل المقسم حالياً وتوقف الاتصالات، وذلك بحسب قول العديد من المرضى.
وبين مدير المشفى الدكتور محي الدين عيسى أن سبب خروج جهاز الطبقي المحوري عن الخدمة يعود لكون عقد الصيانة مركزي بحسب قوله، مشيراً إلى أنه تمت صيانته في شهر شباط الماضي، لكنه عمل لمدة شهر ثم تعطّل ومازال، كاشفاً عن مناقصة لشركة جديدة لإصلاحه، وبخصوص المصعد بيّن أنه يوجد مصعد وحيد في المشفى ويخدم المرضى، ويتعطّل لكثرة الاستخدام، لافتاً إلى توفر الأدوية الإسعافية بنسبة ٩٠%، وأن الاستجرار الوزاري يؤخر وصول الأدوية، وفيما يتعلق بتعطّل المقسم أوضح مدير المشفى أن المقسم الداخلي غير معطّل، ولكن يوجد عطل برقم واحد عند الاتصال لخارج المشفى، وقد تم إرسال كتاب لإصلاحه.
الكادر بلا عمل!
وفي منطقة الشيخ بدر أكد المواطنون وجود مولّدة معطّلة منذ أكثر من عشرة أعوام في المركز الصحي، كما يوجد عشرات أطباء الأسنان دون عمل نتيجة عدم توفر المحروقات اللازمة لعمل المولّدة لإنجاز الأعمال وخدمة المرضى!.
وفي الهيئة العامة لمشفى الباسل أكد بعض المرضى خروج جهاز التنظير الهضمي العلوي من الخدمة، إضافة إلى عدم توفر بعض مواد القثطرة القلبية أحياناً.
أما الهيئة العامة لمشفى بانياس فهي أيضاً تعاني من عدم توفر الأدوية اللازمة مثل: “كافيدرين وكوردان واتروبين وادرينالين وغيرها”، حتى دواء المصل يشتريه المريض، وأن الأدوية تعطى لبعض المرضى دون غيرهم، حسب ما أفاد بعض المرضى!.
الحال واحد
وبالحديث مع مديري الهيئة العامة لمشفى الباسل بطرطوس الدكتور اسكندر عمار، ومدير الهيئة العامة لمشفى بانياس الدكتور عماد بشور أشارا إلى فقدان العديد من الأصناف الدوائية، حالهما كحال جميع المشافي، وبيّن الدكتور عمار أن مشفى الباسل يخدم مرضى من حمص وحماة، إضافة لمرضى محافظة طرطوس، ونتيجة الضغط الكبير تحدث أعطال في أجهزته يتم إصلاحها، مشيراً إلى أن جهاز التنظير الهضمي الوحيد على مستوى المحافظة لا يتحمّل الضغط نتيجة كثرة استخدامه والحاجة الماسة له، ولم ينف الدكتور عمار عدم توفر المواد اللازمة للقثطرة القلبية!.
تأخر الرد!
“البعث” تواصلت مع مديرية صحة طرطوس للوقوف على أسباب فقدان الكثير من الأدوية الإسعافية وغيرها من الأصناف الدوائية، وكيفية استجرارها، وكذلك شكاوى المواطنين حول واقع المشافي، لكن روتين وزارة الصحة لا يصب في المصلحة العامة على ما يبدو، ولا في خدمة الصحفيين، ويخالف تعليمات منح المعلومات للصحفي وبشفافية، فبعد أسبوعين من الانتظار تواصلنا هاتفياً مع مدير الصحة الدكتور أحمد عمار الذي أبدى انزعاجاً من متابعتنا لكتابنا المرسل، وبيّن أن الأمر ليس بيده، وعلينا التواصل مع المكتب الإعلامي لديه، وكأن الكلمة للمكتب الإعلامي!
بالمختصر، هذا هو واقع حال بعض المشافي في طرطوس التي تحتاج إلى عناية مشددة قبل أن تسوء حالتها وتدخل في الغيبوبة!
طرطوس- دارين حسن