أخبارصحيفة البعث

مخاوف أمريكية من قدرة البلاد على تحمّل الأزمات العالمية

تقرير إخباري:

بدأت وسائل الإعلام الأميركية بإثارة الجدل حول قدرة الولايات المتحدة على تحمّل الأعباء والأزمات العالمية القادمة كنقص الغذاء والوقود وغيرها من أساسيات الحياة، حيث يسيطر شبح الانقسام على المجتمع نتيجة التعاطي السلبي للحكومة الأمريكية مع هذه الأزمات، وخاصة أن العقوبات الأحادية المفروضة على روسيا بدأت تأتي بنتائج عكسية على العالم أجمع وليس فقط على الداخل الأمريكي، الذي أصبح يعاني بشدّة من التضخّم وغلاء المعيشة، الأمر الذي يهدّد بمزيد من العنف على خلفية توسّع الفوارق الطبقية في المجتمع الأمريكي الذي يعاني أصلاً من تمييز عنصري مقيت وفقر مدقع يعصف بالأغلبية الساحقة من السكان، بينما تتركز الثروات في جزء ضئيل من هذا المجتمع.

وهنا ذكر جيسي واترز مقدّم برنامج قناة فوكس نيوز أن العالم الحديث سينهار لأسباب اقتصادية والولايات المتحدة فقدت قدرتها على حماية النظام العالمي، وأضاف واترز: نحن نتحدث عن نقص في موارد الغذاء والطاقة، محذراً من أن “هذه العملية قد بدأت بالفعل” واستشهد بأزمة الغذاء التي اندلعت في بيرو وسريلانكا حيث يمكن أن تكون أي دولة هي التالية، وذكر واترز أن الولايات المتحدة مسؤولة عن عمل النظام العالمي وشحنها البحري المحمي، مضيفاً: “لقد فقدنا هذه القدرة الآن”.

لم تقف المخاوف في دهاليز الصحافة الأمريكية بل صرّح بها أدباء كثر أبرزهم الكاتب بيتر زيهان مؤلف كتاب “نهاية العالم هي البداية فقط”، وأشار فيه إلى أن الولايات المتحدة فقدت الرغبة في مواصلة مسارها السابق، وأوضح ذلك من خلال البيانات، حيث قال: لقد أنفقنا كل قوتنا السابقة ولدينا 14 حاملة طائرات في الخدمة والعديد منها في الطريق وهذا يكفي لتدمير بلد ما، ولكن هناك حاجة لحوالي 800 مدمّرة للقيام بدوريات في محيطات العالم من أجل حماية التجارة البحرية ولدينا 70 منها فقط.

ويبدو أن مخاوف الأمريكيين بُنيت على ما قاله كبير الاقتصاديين شون سوكي كوباياشي في بنك ميزوهو الياباني، من أن اختفاء الغاز الروسي من السوق هو مؤشر على نهاية العالم، كما سيؤدّي نقص الغاز إلى المنافسة وزيادة الطلب على الفحم والنفط والغاز الطبيعي المسال.

ولا تقف المخاوف التي يثيرها الأدباء والصحفيون الأمريكيون عند الأمن الغذائي ونقص الوقود، فقد حذّر تقرير صحفي نشرته صحيفة “ذا أتلانتيك” من أن الضغط على وحدة الولايات سيستمر خلال هذا العقد بسبب الانقسام المتزايد بين الديمقراطيين والجمهوريين، حيث استند كاتب المقال رونالد براونشتاين، إلى استنتاجات الخبير الاستراتيجي ورئيس المحللين في “معهد التحليل والدراسات الاقتصادية”، مايكل بودهورزر، الذي قال: “عندما نفكر في الولايات المتحدة، فإننا نرتكب خطأ جوهرياً في اعتبارها أمة واحدة، ومزيجاً رخامياً من الشعب الأحمر والأزرق، ولكن في الحقيقة لم نكن أبداً أمة واحدة، فنحن أشبه بالجمهورية الفيدرالية التي تتكون من دولتين زرقاء وحمراء، هذه ليست استعارة وإنما هي حقيقة جغرافية وتاريخية”.

التمزّق الأمريكي الذي أشار إليه الخبير الاستراتيجي عبّر عنه براونشتاين بقوله: إن “كل هذا يغذي ما أسمّيه الاختلاف الكبير بين الدولتين الزرقاء (الديمقراطيين) والحمراء (الجمهوريين). هذا الاختلاف في حدّ ذاته يضع ضغطاً لا يصدّق على تماسك البلاد”، ومع ذلك فإن المؤلف بودهورزر لا يتنبّأ بحرب أهلية جديدة للولايات المتحدة، لكنه يحذر من أنه في عشرينيات القرن الحالي، من المرجّح أن يستمر الضغط على الوحدة الأساسية للبلاد.

وكشف براونشتاين أن الاختلاف المتزايد والعداء بين الدول الحمراء والزرقاء هي السمة المميزة لأمريكا في القرن الحادي والعشرين، وهو ما يختلف عن منتصف القرن العشرين عندما كان الاتجاه الرئيسي هو “التقارب العام”. أما من وجهة نظر بودهورزر فإن الانقسام المتزايد يعني أنه بعد فترة من ضبابية الاختلافات سيأتي وقت تطفو فيه الخلافات الجوهرية التي تعود إلى تأسيس الدولة ذاتها.

لا يوجد في المشهد الداخلي الأمريكي ما يدعو إلى التفاؤل حول مؤشرات الانقسام الداخلي، حيث تبدو وجهات النظر متقاربة فيما يتعلق بالاضطرابات الداخلية، وهنا تنظر ليليان ماسون أستاذة العلوم السياسية في جامعة “جونز هوبكنز” الى اتساع الصدع بين قسمي البلاد والمخاطر بحدوث اضطرابات عميقة بالفعل، أهمها الاضطرابات الاجتماعية التي يتجاوز تأثيرها المشاعر والآراء لتصل الى المساس باستقرار البلاد.

 

ميادة حسن