دراساتصحيفة البعث

أين العدالة المناخية؟

هناء شروف

لا تترك الهند مناسبةً إلا وتدعو إلى تحوّل عالمي للعدالة المناخية، وتحت عنوان “صافي الصفر العالمي”، وبمناسبة يوم البيئة العالمي 8 حزيران، قال مندوب الهند الدائم لدى الأمم المتحدة ت. تيرومورتي في بيان له: “نحتاج إلى اعتراف واضح بأن الدول النامية ستحتاج إلى وقت أطول بكثير بعد عام 2050 للوصول إلى صافي الصفر، لأن أهدافها الشاملة هي القضاء على الفقر”.

في عام 1992 اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ مبدأ العدالة المناخية التي تنصّ على أنه “ينبغي للأطراف حماية النظام المناخي لمصلحة الأجيال الحالية والمقبلة، وبناءً على ذلك ينبغي على الدول المتقدمة أن تأخذ زمام المبادرة في مكافحة تغيّر المناخ وآثاره الضارة”.

منذ ذلك الحين، تطوّرت العدالة المناخية تدريجياً إلى مفهوم علمي، ومع ذلك في خضم المشهد الاقتصادي والسياسي المتغيّر في جميع أنحاء العالم، تتحدث البلدان المتقدمة بأصوات مختلفة عن مواقع والتزامات البلدان النامية، كما يحاولون التقليل من شأن مبدأ “المسؤوليات المشتركة” التي يمكن أن تؤدي إلى نزاعات بين الدول النامية والمتقدمة.

في عملية إدارة المناخ، تحتاج البلدان النامية إلى الاتحاد والتوصل إلى توافق قويّ في الآراء من أجل دعم مبدأ العدالة المناخية. وبالفعل، أرست المفاوضات بشأن قواعد التنفيذ التي تمّ التوصل إليها في مؤتمر “غلاسكو” للمناخ الأساس للتنفيذ الشامل والفعّال لاتفاق باريس، فقد طرحت كلّ من الصين والهند أهدافهما الخاصة بحياد الكربون، بما يتماشى مع الظروف الوطنية لكلّ منهما، وتبذلان جهوداً جادة لتحقيقها.

في المقابل، تحتاج الدول المتقدمة إلى حياد الكربون أثناء تطوير اقتصاداتها، وهو ما طرحه وزير البيئة والغابات وتغيّر المناخ الهندي بوبندر ياداف في منتدى الاقتصادات الرئيسية حول الاجتماع الوزاري للطاقة والمناخ في وقت سابق من هذا العام، حين أعرب عن قلقه بشأن تمويل المناخ والدعم التكنولوجي من البلدان المتقدمة التي فشلت في الوفاء بوعدها المساهمة بمبلغ 100 مليار دولار كتمويل سنوي للمناخ بحلول عام 2020.

لكن اللعبة بين القوى الكبرى، والتعقيد المتزايد للمشهد السياسي والاقتصادي العالمي أوجدا حواجز أمام التعاون الدولي، ونقل التقنيات المتقدمة منخفضة الكربون. على هذا النحو يجب على البلدان المتقدمة تكثيف جهودها فيما يتعلق بالدعم المالي، وتسريع الترويج العالمي للتكنولوجيات منخفضة الكربون، وإلا فإن عملية حياد الكربون العالمية ستتأخر.